الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأثر رواه الثوري والطبري في تفسيريهما، وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما. والطبراني في المعجم الكبير.
وقد وثق الهيثمي إسناد الطبراني، فقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
وصحح الشيخ زكريا بن غلام قادر الباكستاني سند عبد الرزاق في كتابه: "ما صح من آثار الصحابة في الفقه".
وقد احتج به الإمام أحمد، كما قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يكون وحده في بيت بالنهار، فينشط، فيرفع صوته بالقراءة في الصلاة؟ قال: لا. قيل: قدر كم يرفع؟ قال: قال ابن مسعود: من أسمع أذنيه فلم يخافت. كذا في "مسائل أبي داود"
وأما عن معناه فهو يدل على أن المخافتة التي هي الإسرار تعني عدم سماع الأذن، وأن أدنى الجهر هو إسماع الأذن، يعني إسماع الشخص نفسه.
فقد جاء في فتح الباري لابن رجب: قال أبو داود: قيل لأحمد: كم يرفع صوته بالقراءة؟ فقال: قال ابن مسعود: من أسمع أذنيه فلم يخافت.
فهذا يدل على أن إسماع الأذنين جهر، فيكون السر دونه.
وكذا قال ابن أبي موسى من أصحابنا: القراءة التي يسرها في الصلاة يتحرك اللسان والشفتان بالتكلم بالقرآن، فأما الجهر فيسمع نفسه ومن يليه. اهـ.
وجاء فيه أيضا: وأدنى الجهر: أن يسمع من يليه، هذا قول أصحابنا والشافعية وغيرهم.
وقد سبق عن ابن مسعود، قال: من أسمع أذنيه فلم يخافت، وهو يدل على أدنى الجهر: أن يسمع نفسه.
روى وكيع، عن سفيان، عن أشعت بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود، قال: لم يخافت من أسمع أذنيه. اهـ.
وراجع في مذهب الجمهور في حد السر، الفتاوى: 308338 - 126532 - 283234
والله أعلم.