الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى: 110306 بيان مذاهب العلماء فيمن قال أعاهد الله على كذا، ورجحنا أنه إن التزم بها قربة، وطاعة، فهي نذر، ويمين، وإن التزم بها ما ليس بقربة، فهي يمين، لا نذر.
وأما ما ذكرته بعد المعاهدة بأيام: فلا يغير من حكم المعاهدة شيئا، فالاستثناء لا بد أن يكون متصلا باليمين، واليمين إذا ثبت حكمها، فلا يمكن تغييره.
جاء في المغني لابن قدامة: يشترط أن يكون الاستثناء متصلا باليمين، بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبي، ولا يسكت بينهما سكوتا يمكنه الكلام فيه، فأما السكوت لانقطاع نفسه، أو صوته، أو عي، أو عارض، من عطسة، أو شيء غيرها، فلا يمنع صحة الاستثناء، وثبوت حكمه، وبهذا قال مالك، والشافعي، والثوري، وأبو عبيد، وإسحاق، وأصحاب الرأي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من حلف، فاستثنى، وهذا يقتضي كونه عقيبه، ولأن الاستثناء من تمام الكلام، فاعتبر اتصاله به، كالشرط وجوابه، وخبر المبتدأ، والاستثناء بإلا، ولأن الحالف إذا سكت ثبت حكم يمينه، وانعقدت موجبة لحكمها، وبعد ثبوته لا يمكن دفعه، ولا تغييره، قال أحمد: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة: إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك ـ ولم يقل: فاستثن، ولو جاز الاستثناء في كل حال، لم يحنث حانث به. اهـ.
وعليه: فإذا خالفت المعاهدة، فإنه تلزمك كفارة يمين، والواجب عليك اجتناب العادة السرية، ولو لم تعاهد على تركها، وانظر في بيان تحريمها، وما يساعد على البعد عنها الفتوى: 7170.
والله أعلم.