الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر المذكور هو من قبيل نذر التبرّر والطاعة.
وقد اتّفق العلماء على أن من علّق نذر التبرر على شرط، ثم حصل الشرط، لزمه الوفاء بهذا النذر؛ لما في البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يُطيع الله فليطعه.
قال ابن قدامة في المغني: التزام طاعة في مقابلة نعمة استجلبها، أو نقمة استدفعها، كقوله: "إن شفاني الله، فلله عليّ صوم شهر"، فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع -كالصوم، والصلاة، والصدقة، والحج-، فهذا يلزم الوفاء به، بإجماع أهل العلم. اهـ.
وعليه؛ فيجب عليك الوفاء بالنذر.
وأما الأيام التي أفطرتها، فيجب عليك قضاؤها، ولو مفرقة، حسب قدرتك، إلى أن تبرِئ ذمّتك.
وعليك مع ذلك كفارة يمين واحدة عن تلك الأيام التي أفطرتها، قال ابن قدامة في المغني فيمن نذر أن يصوم كل خميس أبدًا، ثم أفطر عدة أيام: يقضي نذره ويكفِّر ... وإن فاتته أيام كثيرة، لزمته كفارة واحدة عن الجميع. فإذا كَفَّر ثم فاته شيء بعد ذلك، لزمته كفارة ثانية. نصّ عليه أحمد ... ويتخرّج أنه متى كفّر مرة، لم تلزمه كفارة أخرى... فعلى هذا؛ متى فاته شيء، فكفّر عنه، ثم فاته شيء آخر، قضاه من غير كفارة. اهـ بتصرف. وراجع الفتوى: 122190.
فإن عجزت عن صيام الأيام المذكورة عجزًا تامًّا لا يُرجَى زواله، بحيث لا تستطيع معه صيام رمضان، فتكفّر عن ذلك كفارة يمين، قال ابن قدامة: من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرًا عليها فعجز عنها؛ فعليه كفارة يمين. اهـ.
وعلى الإنسان أن يحرص على إبراء ذمّته مما تعلق بها من حقوق الله تعالى، فاعقد العزم على الوفاء بنذرك، واستعن بالله صادقًا تجد العون والتيسير.
والله أعلم.