الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أن من طلق زوجته ثلاث مرات متفرقات، فقد بانت منه بينونة كبرى( حرمت عليه)، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ويدخل بها، ويطأها في نكاح صحيح، قال تعالى عن المطلقة عند المرة الثالثة: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ {البقرة: 230}.
وإنما اختلف أهل العلم فيمن أوقع الطلقات الثلاث دفعة واحدة: هل تلزمه الطلقات الثلاث، فلا تحل له زوجته إلا بعد أن تنكح زوجا غيره وتعتد منه، أم أنها تكون مطلقة واحدة له إرجاعها ما دامت في عدتها، وبعد انتهاء العدة يجوز أن يعقد عليها برضاها ولو لم تنكح زوجا غيره؟.
أما عن سؤالك فنقول: أما الطلقتان الثانية والثالثة فلا إشكال في وقوعهما، وأما عن طلاق الثلاث في الحادثة الأولى ففيه أمران، الأمر الأول: هو كونه في حالة الغضب، الثاني: كون الطلقات الثلاث جمعت في لفظ واحد، وقد سبق في الفتوى رقم: 11566، حكم الطلاق حالة الغضب، وحكم الطلاق في لفظ واحد، وبما أن المسألة تحتاج إلى تحقق الحالة التي وقع فيها الطلاق وفيها أيضا خلاف بين أهل العلم فإنا نوصي السائل بمراجعة المحكمة الشرعية في بلده ـ إن وجدت ـ لأن هذه المسائل مما تختص بها المحكمة.
أما الولد فينسب إليك حتى على فرض كون العلاقة كانت غير شرعية ما دمت تعتقد صحة النكاح أو اعتمدت فيه على قول لأهل العلم، قال شيخ الإسلام: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين. انتهى.
أما مسألة الأخذ بفتوى أحد العلماء أو المذاهب وإن كانت مخالفة لفتاوى علماء أو مذاهب أخرى.. فسبق ما يلزم المقلد فعله حيال الخلاف بين العلماء والمذاهب في الفتوى رقم: 17519، فننصح بالرجوع إليها، وأما عن حكم سنوات العيش مع الزوجة على أساس فتوى الشيخ المذكور وهل تأثم عليها أم لا؟ فذلك يرجع إلى أمور وهي: هل كنت مقصرا في السؤال والبحث عن الحق؟ هل كنت تبحث عن رخصة ومخرج لك دون تحري الحق والصواب؟ هل كنت تعلم أن هذا المفتي من أهل العلم الموثوق بهم ومن أهل السنة أم لا؟ فإذا كنت مقصرا في هذه الأمور فتأثم، وإلا فلا إثم عليك.