الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نهنئك بما أنعم الله به عليك من الالتزام، ونفيدك أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإن كان عملك في المجال المختلط تخشى منه الفتنة على نفسك، فإن تركه واجب؛ لأن سلامة الدين أهم من كل شيء، وهي الوسيلة المحققة للاستفادة من الكسب، ولكنه لا بأس أن تحاول معهم قبل الانفصال عن العمل أن يوفروا لك عملا في مكان لا يوجد به اختلاط.
ونسأل الله أن يوفق إدارة المحل لمساعدتك في الموضوع، وعليك أن تستعين بالدعاء آخر الليل وبعد الفرائض ليحقق الله ذلك لك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.
وفي الحديث أنه سئل أي الدعاء أسمع؟ فقال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره.
وإن تعذرت الوسائل التي يمكن بها تفادي الوقوع في الحرام فيتعين ترك العمل ما لم تكن هناك ضرورة أو حاجة ملحة إليه، وتقدر الضرورة حينئذ بقدرها.
وأما ما حصل منك سابقا من ترك العمل لكونه فيه اختلاط فهو صواب إن كنت تخشى على دينك، ولم يمكنك تفادي تلك الفتنة.
ومثل ذلك ترك المكان الذي لا تستطيع فيه أن تتمكن من صلاة الجماعة إن كنت لا تتضرر في نفسك إن تركت العمل، وإلا كان ذلك عذرا في ترك الجماعة، إلا أنه يتعين التنبه إلى أن صلاة الجماعة ليس من حق صاحب العمل منع الموظف أن يصليها فإن منع من المسجد وأمكنهم أن يكونوا جماعة فهذا يجزئهم إن شاء الله.
وأما ترك العمل بسبب طول الوقت فهو غير مناسب، فالأكمل هو الصبر عليه حتى تجد عملا آخر يناسبك، وفي أثناء ذلك تحاول توظيف ساعتين أو أكثر إن تيسر في طلب العلم الشرعي، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 71139، 8677، 53143، 16879، 8528، 65294، 47332، 58722، 29129.
والله اعلم.