الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن محاسبة النفس والنظر في سوابقها للاستغفار فيما فرطت في جنب الله ولتدارك ما حصل من النقص -إن أمكن التدارك- أمر ضروري، وقد أمر الله عباده فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {الحشر:18}، وقال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه.
فإذا نظر العبد في نفسه ولم يتذكر شيئاً من الذنوب أو تذكر قليلاً منها فبادر بالتوبة والاستغفار، فعليه أن يحمد الله ويسأله العون على الاستقامة وأن يجعله من المتقين الأوابين التوابين، وأما فرح العبد بطاعته واعتزازه إن لم يحمله على العجب أو التكبر فهو غير مذموم، ففي الحديث: من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن. رواه الترمذي وصححه الألباني.
فلا يسوغ أن يلعب الشيطان بالعبد ويحمله على الفتور، بل يتعين على العبد أن يواصل السعي في مراقي الإيمان، ويجعل القدوة المثلى النبيين والصحابة نصب عينيه، فوضع هؤلاء السلف الكرام أمامك يجعلك دائماً تحس بالتقصير، وأكثر المطالعة في كتب الترغيب والترهيب وسير السلف، وأكثر تلاوة القرآن مع التدبر فهو من أقوى ما يحرك عواطف النفوس لعمل الخير، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة نظراً لمدارسته القرآن مع جبريل، كما في حديث البخاري، وأكثر من مجالسة الأخيار، فمجالستهم ومخالطتهم تبعد قناعة العبد بعلمه لأنه يرى من هو أعبد منه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73497، 3226، 29466، 71417، 59673، 32856، 34585.
والله أعلم.