خلاصة الفتوى: المظالم التي ليس فيها حقوق للآدميين لا يتخلص من تبعاتها إلا بتحقيق شروط التوبة التي هي الإقلاع عن المعصية حالا والندم على فعلها في الماضي والعزم عزما جازما على عدم العودة إلى مثلها أبدا، وإن كانت المظلمة تتعلق بحق الغير فإنه يشترط فيها رد المظالم إلى أهلها أو تحصل البراءة منهم.
فإن المظالم التي تكون بين العبد والعبد إما أن تكون معنوية كأن تكون قد تكلمت في شخص بغير حق أو سخرت منه ونحو ذلك فالخلاص منها يكون مع التحلل من صاحب المظلمة حال حياته إن علم بها وقد سبق الكلام على هذه المسألة في الفتوى رقم: 66515، والفتوى رقم: 18997، وإما أن تكون المظالم مادية وهي المتعلقة بالمال كالغصب أو السرقة منهم مثلا وهذه لا بد من ردها إليهم أو طلب السماح والعفو منهم، ولا يشترط إخبارهم بأنها سرقة أو غصب بل المطلوب هو ردها إليهم بأي وجه.
وعلى هذا، فلا بد من السعي لرد المظالم المادية إلى أهلها أو الاستحلال منهم أي طلب المسامحة سواء كانوا أحياء بردها إليهم أو كانوا أمواتا بردها إلى ورثتهم، فإن لم تستطع ذلك فعليك بالإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة والتصدق عنهم بقدر المظلمة، ولمزيد الفائدة والبيان يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34977.
وأما بالنسبة لما سرقته من أبيك أو أمك فهو كأي حق لأي مسلم أخذته منه بغير حق فيجب عليك رده إليهم بأي وسيلة تستطيع القيام بها بعد التوبة والاستغفار والعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى، ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع يرجى مراجعة الفتوى رقم: 21098، والفتوى رقم: 52601.
ولا يأخذ من مات وله مظلمة عندك حسناتك كلها يوم القيامة بل يأخذ منها بقدر المظلمة إذا كانت لك حسنات فإن لم تكن لك حسنات فإنه يؤخذ من سيئاتهم ثم تطرح عليك، وذلك أيضا على قدر المظلمة فقط، ويدل على ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة.. ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 50885.
والله أعلم.