[ ص: 343 ] المسألة الرابعة : في الفرق بين العام والمطلق
اعلم أن العام عمومه شمولي ، وعموم المطلق بدلي ، وبهذا يصح الفرق بينهما ، فمن أطلق على المطلق اسم العموم ، فهو باعتبار أن موارده غير منحصرة ، فصح إطلاق اسم العموم عليه من هذه الحيثية .
، أن عموم الشمول كلي ، يحكم فيه على كل فرد ، وعموم البدل كلي من حيث أنه لا يمنع تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه ، ولكن لا يحكم فيه على كل فرد فرد ، بل على فرد شائع في أفراده يتناولها على سبيل البدل ، ولا يتناول أكثر من واحد منها دفعة . والفرق بين عموم الشمول وعموم البدل
قال في المحصول : اللفظ الدال على الحقيقة من حيث هي هي ، من غير أن يكون فيها دلالة على شيء من قيود تلك الحقيقة ، سلبا كان ذلك القيد أو إيجابا ، فهو المطلق ، وأما اللفظ الدال على تلك الحقيقة ، مع قيد الكثرة ، فإن كانت الكثرة كثرة معينة بحيث لا تتناول ما يدل عليها ، فهو اسم العدد ، وإن لم تكن الكثرة كثرة معينة ، فهو العام ، وبهذا ظهر خطأ من قال : المطلق هو الدال على واحد لا بعينه ، فإن كونه واحدا وغير معين قيدان زائدان على الماهية . انتهى .
فجعل في كلامه هذا معنى المطلق هو المطلق عن التقييد ، فلا يصدق إلا على الحقيقة من حيث هي هي ، وهو غير ما عليه الاصطلاح عند أهل هذا الفن وغيرهم ، كما عرفت مما قدمنا .
وقد تعرض بعض أهل العلم للفرق بين العموم والعام ، فقال : العام هو اللفظ المتناول ، والعموم تناول اللفظ لما يصلح له ، فالعموم مصدر ، والعام فاعل مشتق من هذا المصدر ، وهما متغايران ; لأن المصدر والفعل غير الفاعل . قال الزركشي في البحر ومن هذا يظهر الإنكار على عبد الجبار وابن برهان وغيرهما في قولهم : العموم اللفظ المستغرق ، فإن قيل : أرادوا بالمصدر اسم الفاعل ، قلنا : استعماله فيه مجاز ، ولا ضرورة لارتكابه مع إمكان الحقيقة .
[ ص: 244 ] وفرق القرافي بين ، بأن الأعم إنما يستعمل في المعنى والعام في اللفظ ، فإذا قيل هذا أعم تبادر الذهن للمعنى ، وإذا قيل هذا عام تبادر الذهن لللفظ . الأعم والعام