[ ص: 484 ] [ ص: 485 ] الباب السادس
في المجمل والمبين
وفيه ستة فصول
الفصل الأول
في حدهما
في اللغة المبهم ، من أجمل الأمر إذا أبهم ، وقيل : هو المجموع ، من أجمل الحساب إذا جمع وجعله جملة واحدة . فالمجمل
وقيل : هو المتحصل من أجمل الشيء إذا حصله .
: ما له دلالة على أحد معنيين ، لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه ، كذا قال وفي الاصطلاح . الآمدي
وفي المحصول : هو ما أفاد شيئا من جملة أشياء ، وهو متعين في نفسه ، واللفظ لا يعينه .
قال ولا يلزم عليه قولك اضرب رجلا ; لأن هذا اللفظ أفاد ضرب رجل وليس بمتعين في نفسه ، فأي رجل ضربته جاز ، وليس كذلك اسم " القرء " ; لأنه يفيد إما الطهر وحده ، وإما الحيض وحده ، واللفظ لا يعينه ، وقول الله تعالى : وأقيموا الصلاة يفيد وجوب فعل معين في نفسه ، غير متعين بحسب اللفظ .
وقال : هو في الاصطلاح ما لم تتضح دلالته ( وأورد عليه المهمل . وأجيب : بأن المراد بما لم تتضح دلالته : ما كان له دلالة في الأصل ولم تتضح ، فلا يرد المهمل ) . ابن الحاجب
وقيل : هو اللفظ الذي لا يفهم منه عند الإطلاق شيء .
واعترض عليه بأنه لا يطرد ولا ينعكس .
[ ص: 486 ] أما عدم اطراده ، فلأن المهمل كذلك وليس بمجمل ، وأيضا المستحيل كذلك ; لأن المفهوم منه ليس بشيء اتفاقا ، وليس بمجمل لوضوح مفهومه .
وأما عدم الانعكاس : فلأنه يجوز أن يفهم من المجمل أحد محامله لا بعينه ، كما في المشترك فلا يصدق الحد عليه .
وقال ، القفال الشاشي : ما لا يستقل بنفسه في المراد منه حتى يأتي تفسير . والأولى أن يقال : هو ما دل دلالة لا يتعين المراد بها إلا بمعين ، سواء كان عدم التعين بوضع اللغة ، أو بعرف الشرع ، أو بالاستعمال . وابن فورك
[ ] تعريف المبين
وأما المبين : فهو في اللغة المظهر ، من بان إذا ظهر ، يقال : بين فلان كذا إذا أظهره ، وأوضح معناه .
وفي الاصطلاح : هو ما افتقر إلى البيان .
والبيان مشتق من البين ، وهو الفراق ; لأنه يوضح الشيء ويزيل أشكاله ، كذا قال ابن فورك في المحصول . وفخر الدين الرازي
قال أبو بكر الرازي : سمي بيانا لانفصاله عما يلتبس من المعاني .
وأما في الاصطلاح : فهو الدال على المراد بخطاب لا يستقل بنفسه في الدلالة على المراد . كذا قال في المحصول . ويطلق ويراد به الدليل على المراد ، ويطلق على فعل المبين .
ولأجل إطلاقه على المعاني الثلاثة اختلفوا في تفسيره بالنظر إليها ، فالصيرفي لاحظ فعل المبين ، فقال : البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي .
وقال القاضي في مختصر التقريب : وهذا ما ارتضاه من خاض في الأصول من أصحاب . الشافعي
واعترضه ابن السمعاني بأن لفظ البيان أظهر من لفظ إخراج الشيء من حيز الإشكال [ ص: 487 ] إلى حيز التجلي .
ولاحظ القاضي أبو بكر ( ) وإمام الحرمين والغزالي ، والآمدي ، وأكثر والفخر الرازي المعتزلة الدليل ، فقالوا : هو الموصل بصحيح النظر فيه إلى العلم أو الظن بالمطلوب ، ولاحظ أبو عبد الله البصري ( نفس العلم ) فحده بحد العلم ، وحكى أبو الحسين عنه : أنه العلم ، وحكى أبو الحسين عنه أنه العلم الحادث ، قال : ولهذا لا يوصف الله سبحانه بأنه مبين ; لأن علمه لذاته لا بعلم حادث .
قال العبدري بعد حكاية المذاهب : الصواب أن البيان هو مجموع هذه الأمور .
وقال شمس الأئمة اختلف أصحابنا في معنى البيان فقال أكثرهم هو إظهار المعنى وإيضاحه للمخاطب ، وقال بعضهم : هو ظهور المراد للمخاطب والعلم بالأمر الذي حصل له عند الخطاب ، قال : وهو اختيار أصحاب السرخسي الحنفي ; لأن الرجل يقول بأن هذا المعنى إن ظهر والأول أصح أي الإظهار . انتهى . الشافعي
قال الأستاذ أبو بكر الإسفراييني قال أصحابنا إنه الإفهام بأي لفظ كان .
وقال أبو بكر الدقاق إنه العلم الذي يتبين به المعلوم .
وقال في الرسالة : إن البيان اسم جامع لأمور مجتمعة الأصول ، متشعبة الفروع . الشافعي