أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الداربردي بمرو، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا ، عن عكرمة بن عمار محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود، أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط [ ص: 452 ] أشد ظلمة ولا أشد ريحا، في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة، ما يرى أحد منا إصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، فيأذن لهم، فيتسللون، ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى مر علي، وما علي جنة من العدو، ولا من البرد، إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي، فقال: "من هذا؟" فقلت: حذيفة، فقال: "حذيفة" ، قال: فتقاصرت بالأرض فقلت: بلى يا رسول الله، كراهية أن أقوم، قال: "قم" ، فقمت، فقال: "إنه كائن في القوم خبر، فأتيني بخبر القوم" ، قال: وأنا من أشد الناس فزعا، وأشدهم قرا، فخرجت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ، قال: فوالله ما خلق الله فزعا ولا قرا في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد منه شيئا، قال: فلما وليت قال: "يا حذيفة، لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني" ، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل الرحيل، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهما من كنانتي أبيض الريش، فأضعه على كبد قوسي لأرميه في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحدثن شيئا حتى تأتيني" ، فأمسكت ورددت سهمي في كنانتي، ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت المعسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون: يا آل عامر، الرحيل الرحيل، لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم، ما تجاوز عسكرهم شبرا، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم، وفرستهم الريح تضربهم بها. "اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته"
ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتصف بي الطريق، أو نحو ذلك، إذا أنا بنحو من عشرين فارسا أو نحو ذلك معتمين، فقالوا: أخبر صاحبك أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل في شملة يصلي، فوالله ما عدا أن رجعت راجعني القر، وجعلت أقرقف، فأومأ إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 453 ] بيده وهو يصلي، فدنوت منه فأسبل علي شملته، فأخبرته خبر القوم، وأخبرته أني تركتهم يترحلون، فأنزل الله تعالى: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى، يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها الآية أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري، حدثنا قال: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة، محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، قال: حدثنا عبد بن خالد، عن ، عن علقمة بن مرثد عمران بن سريع، قال: كنا مع فذكر حديثا طويلا، وذكر فيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالحفظ، وذكر أن حذيفة بن اليمان، علقمة بن علاثة نادى: يا عامر، إن الريح قاتلتي وأنا على ظهر، وأخذتهم ريح شديدة وصاح أصحابه [ ص: 454 ] ، فلما رأى ذلك أبو سفيان أمرهم فتحملوا، ولقد تحملوا وإن الريح لتغلبهم على بعض أمتعتهم.
فقال : عن علقمة بن مرثد عطية الكاهلي قال: قد كان في الحديث: إنه لما رجع حذيفة مر بخيل على طريقه بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، فخرج له فارسان منهم، ثم قالا: ارجع إلى صاحبك فأخبره أن الله قد كفاه إياهم بالجنود والريح، وتلا هذه الآية: "فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم يروها" هكذا أخبرنا محمد بن يزيد، فيما أدى من الحديث بالياء.