أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير عن هشام بن سعد، زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب ، أن رجلا، قال لحذيفة: يا حذيفة، نشكو إلى الله صحبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره، فقال حذيفة: ونحن نشكو إلى الله عز وجل إيمانكم به ولم تروه، والله ما ندري يا ابن أخي لو أدركته كيف كنت تكون، وقد نزل أبو سفيان وأصحابه بالعرصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة؟" ، ثم قال: "من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة؟" فوالله ما قام منا أحد، فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق في ليلة باردة مطيرة، فوالله ما قام منا أحد، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ابعث حذيفة، فقلت: دونك والله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا حذيفة" ، فقلت: لبيك بأبي أنت وأمي، فقال: "هل أنت ذاهب؟" فقلت: والله ما بي أن أقتل من جليسه، ومعي رجل منهم يصطلي على النار، فوثبت عليه، فآخذ بيده مخافة أن يأخذني، فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان ابن فلان، فقلت: أولى. "من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي يوم القيامة؟"
فلما دنا الصبح نادى: أين قريش؟ أين رؤوس الناس؟ [ ص: 455 ] فقالوا: أيهات هذا الذي أتينا به البارحة، أين بنو كنانة؟ وأين الرماة؟ فقالوا: أيهات هذا الذي أتينا به البارحة، أين قيس؟ أين أحلاس الخيل؟ أين الفرسان؟ فقالوا: أيهات هذا الذي أتينا به البارحة، فتخاذلوا، وبعث الله عليهم تلك الريح، فما تركت لهم بناء إلا هدمته، ولا إناء إلا أكفأته، حتى لقد رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول، فجعل يستحثه ولا يستطيع أن يقوم، ولولا ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلاحي لرميته أدنى من تلك، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أخبره عن أبي سفيان، فجعل يضحك عليه السلام حتى جعلت أنظر إلى أنيابه.