113 - باب ذكر بيان خلافة رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
اعلموا رحمنا الله وإياكم أنه لم يختلف من شمله الإسلام وأذاقه الله الكريم طعم الإيمان أنه لم يكن خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رضي الله عنه ، لا يجوز لمسلم أن يقول غير هذا ، وذلك لدلائل خصه الله الكريم بها ، وخصه بها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ، وأمر بها بعد وفاته . أبو بكر الصديق
منها : أنه أول من أسلم من الرجال ، والمنزل عليه السكينة ، وعاتب الله عز وجل الخلق كلهم في النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأول من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصحبه وأحسن الصحبة ، وأنفق عليه ماله ، وصاحبه في الغار ، ، فإنه أخرجه من المعاتبة ، وهو قوله عز وجل : ( أبا بكر إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار ) . . الآية .
والصابر معه بمكة في كل شدة ، ورفيقه في الهجرة .
ومرض النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يمكنه الخروج إلى الصلاة فأمر أن يتقدم فيصلي بالناس ، ولا يتقدم غيره . أبو بكر ،
[ ص: 1711 ] وصلى صلى الله عليه وسلم خلفه ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف ، وقال لبلال : فليصل بالناس" . أبا بكر "إن أبطأت فقدم
وقال صلى الله عليه وسلم : أبو بكر" . "إن أمن الناس علي في صحبته وماله
وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهما في الغار وقد علم صلى الله عليه وسلم أن لأبي بكر إنما حزنه على النبي صلى الله عليه وسلم وإشفاقه عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ !" . أبا بكر "يا
فكل هذه الخصال الشريفة الكريمة دلت على أنه الخليفة بعده ، لا يشك في هذا مؤمن .
وأما ما كان بعد وفاته فإنه رواه جبير بن مطعم " . أبا بكر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه ، فقالت : يا رسول الله ، أرأيت إن لم أجدك ؟ - تعرض بالموت - فقال لها : "إن لم تجديني فأتي
ثم بايعه المهاجرون والأنصار معرفة منهم بحق وفضله ، وبايعه أبي بكر رضي الله عنه . فهو أول من بايعه من بني هاشم . علي بن أبي طالب
وروى عن الشعبي قال : قيل شقيق بن سلمة رضي [ ص: 1712 ] الله عنه وقت ما قتل : استخلف علينا . فقال : ما أستخلف ، ولكن إن يرد الله عز وجل بهذه الأمة خيرا يجمعهم على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، على خيرهم . لعلي بن أبي طالب
وروي أن رضي الله عنه قام بعدما بويع له وبايع له أبا بكر رضي الله عنه ، وأصحابه قام ثلاثا يقول : "أيها الناس قد أقلتكم بيعتكم ، هل من كاره ؟ قال : فيقوم علي رضي الله عنه في أوائل الناس فيقول : لا والله لا نقيلك ولا نستقيلك ، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ذا الذي يؤخرك" . علي بن أبي طالب
وقال رضي الله عنه في حديث طويل ، وقد دخل عليه علي عبد الله بن الكواء ، وقيس بن عباد ، وقد سألاه بعد رجوعه من قتال الجمل فقالا : هل معك عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا والله ، ولو كان عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما تركت أخا تيم بن مرة ولا على منبره ، ولو لم أجد إلا يدي هذه ، ولكن نبيكم صلى الله عليه وسلم ، نبي رحمة لم يمت فجأة ، ولم يقتل قتلا ، مرض ليالي وأياما ، وأياما وليالي ، يأتيه ابن الخطاب فيؤذنه بالصلاة ، فيقول : بلال فليصل بالناس" . أبا بكر وهو يرى مكاني ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، فولينا الأمر "مروا ، فأقام أبا بكر [ رضي الله عنه ] بين أظهرنا ، الكلمة جامعة ، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان ، ولا شهد أحد منا على أحد بالشرك ، ولا يقطع منه البراءة ، فكنت والله آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه فلما [ ص: 1713 ] حضرت أبو بكر الوفاة ولاها عمر [ رضي الله عنه ] . أبا بكر
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
ثم ذكر رضي الله عنه علي رضي الله عنه ، فذكر من فضله ومن شرفه وبيعته له ورضاه بذلك ، والسمع والطاعة له ، وسنذكر ما قاله في الجميع إن شاء الله . وصدق علي رضي الله عنه ، وروي عن عمر بن الخطاب قال : قال الحسن رضي الله عنه : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي [ رضي الله عنه ] فصلى بالناس ، وقد رأى مكاني ، وما كنت غائبا ولا مريضا ، ولو أراد أن يقدمني لقدمني ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا . أبا بكر
وروى عبد خير قال : سمعت كرم الله وجهه يقول : قبض الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء . قال : فأثنى عليه . قال : ثم استخلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسنته ، ثم قبض أبو بكر رضي الله عنه على خير ما قبض الله عز وجل عليه أحدا ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها ، ثم استخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعملهما وسنتهما ، ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها ، وبعد عمر . أبي بكر
وقال رضي الله عنه : سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثنى علي وثلث أبو بكر ، يعني سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل ، وثنى عمر . بعده بالفضل ، وثلث أبو بكر بالفضل . عمر
[ ص: 1714 ] بعد . أبي بكر
قال : محمد بن الحسين
هذا كله مع ما يروى عن رضي الله عنه ، في فضل علي ، أبي بكر رضي الله عنهما ما يدل على ما قلنا ، وسنذكر فضلهما من قول وعمر رضي الله عنهم ما يقر الله الكريم به أعين المؤمنين ، ويسخن به أعين المنافقين ، ويذل نفس كل رافضي وناصبي قد خطا بهم عن طريق الحق ، وسلك بهما طرق الشيطان فاستحوذ عليهم ، فهم في غيهم يترددون ، وعن طريق الرشاد متنكبون . علي
[ ص: 1715 ]