1196 - وحدثني ، قال : حدثنا عمر بن أيوب السقطي محمد بن معاوية بن [ صالح ] ، قال : حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني ، عن الحسن بن [ ص: 1726 ] عمارة ، عن ، عن المنهال بن عمرو قال : مررت بنفر من الشيعة يتناولون سويد بن غفلة ، ، أبا بكر رضي الله عنهما وينتقصونهما ، فدخلت على وعمر رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين ، مررت بنفر من أصحابك يذكرون علي بن أبي طالب ، أبا بكر بغير الذي هما فيه من الأمة أهل ، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل ما أعلنوا ما اجترؤوا على ذلك . قال وعمر رضي الله عنه : " أعوذ بالله ، أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى عليه المضي ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصاحباه ووزيراه . رحمة الله عليهما ، ثم قام دامع العين يبكي ، قابضا على يدي حتى دخل المسجد ، فصعد المنبر ، وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ، ينظر فيها ، وهي بيضاء ، حتى اجتمع الناس ، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة ، ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي علي قريش ، وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ، وعما قالوا بريء ، وعلى ما قالوا معاقب ، أما والذي فلق الحبة ، وبرى النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان ، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله [ ص: 1727 ] صلى الله عليه وسلم ، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرى مثل رأيهما رأيا ، ولا يحب كحبهما أحدا ، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو عنهما راض ، والمؤمنون عنهما راضون ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاة المؤمنين ، فصلى بهم سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، واختار له ما عنده ، وولاه المؤمنون ذلك ، وفوضوا الزكاة إليه لأنهما مقرونتان ، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن ذلك له من بني عبد المطلب ، وهو لذلك كاره ، يود أحدا منا كفاه ذلك ، وكان والله خير من بقي ، وأرأفه رأفة ، وأكيسه ورعا ، وأقدمه سنا وإسلاما ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفوا ووقارا ، فسار فينا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى مضى على أجله ذلك .
ثم ولى الأمر بعده رحمه الله واستأمر المسلمين في هذا فمنهم من رضي ومنهم من كره ، وكنت فيمن رضي فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه ، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه ، وكان والله رفيقا رحيما بالضعفاء ، وللمؤمنين عونا ، وناصرا للمظلومين على الظالمين ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ثم ضرب الله عز وجل بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه ، فأعز الله بإسلامه الإسلام ، وجعل هجرته للدين قواما ، وألقى الله عز وجل له في قلوب المنافقين الرهبة ، وفي قلوب المؤمنين المحبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام فظا غليظا على الأعداء ، عمر وبنوح حنقا مغتاظا على [ ص: 1728 ] الكفار ، الضراء على طاعة الله عز وجل آثر عنده من السراء على معصية الله ، فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما ؟ ! ورزقنا المضي على أثرهما والحب لهما ، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع أثرهما ، والحب لهما ، فمن أحبني فليحبهما ، ومن لم يحبهما فقد أبغضني ، وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ، ولكنه لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم ، ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري ، ألا وإن أبو بكر ، وعمر ، ثم الله أعلم بالخير أين هو ، أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولكم . خير هذه الأمة بعد نبيها
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
ويذكر في هذا الباب قصة وفاة : لما قبض أبي بكر رضي الله عنه ، وسجي عليه ، ارتجت أبو بكر المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رضي الله عنه باكيا مسرعا مسترجعا وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه علي بن أبي طالب أبو بكر ، رضي الله عنه مسجى فقال : رحمك الله وأبو بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنيسه ومستراحه ، وثقته ، وموضع سره ومشاورته ، وكنت أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأخوفهم لله تبارك وتعالى ، وأعظمهم غنى في دين الله عز وجل ، وأحوطهم على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صحبة ، وأكثرهم مناقب ، وأفضلهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم وسيلة ، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا وسمتا ورحمة وفضلا ، أشرفهم [ ص: 1729 ] منزلة ، وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده ، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيرا ، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر ، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس فسماك الله في تنزيله صديقا فقال في كتابه : ( أبا بكر والذي جاء بالصدق وصدق به ) أبو بكر .
وآسيته حين بخلوا ، وأقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا ، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، وصاحبته في الغار .
والمنزل عليه السكينة ، ورفيقه في الهجرة وخلفته في دين الله عز وجل وفي أمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس ، فقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي ، فنهضت حين وهن أصحابه ، وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تصدع بزعم المنافقين ، وكبت الكافرين ، وكره الحاسدين ، وفسق الفاسقين وغيظ الباغين ، وقمت بالأمر حين فشلوا . . .وذكر الحديث إلى آخره .
ثم قال : رضينا عن الله قضاه ، وسلمنا له أمره ، والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبدا . . .وذكر الحديث ، وسنذكره بطوله في موضع آخر .
قال رحمه الله : [ ص: 1730 ] محمد بن الحسين
من يقول على رضي الله عنه في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، غير ما ذكرنا من بيعته له ورضاه بذلك ، ومعونته له وذكر فضله فقد افترى على أبي بكر رضي الله عنه ، ونحله إلى ما قد برأه الله عز وجل من مذاهب الرافضة الذين قد خطا بهم عن سبيل الرشاد . علي بن أبي طالب
فإن قال [ قائل ] : فإنه قد روي أن كرم الله وجهه لم يبايع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، إلا بعد أشهر ، ثم بايعه . أبا بكر
قيل له : إن رضي الله عنه عند من عقل عن الله عز [ ص: 1731 ] وجل أعلى قدرا ، وأصوب رأيا مما ينحله إليه الرافضة ، وذلك أن الذي ينحل هذا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليه فيه أشياء لو عقل ما يقول ، كان سكوته أولى به من الاحتجاج به ، بل ما يعرف عن علي رضي الله عنه ، غير ما تقدم ذكرنا له من الرضى والتسليم لخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكذا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة والفضل . لأبي بكر