116 - باب ذكر خلافة أمير المؤمنين رضي الله عنه ، وعن جميع الصحابة عثمان بن عفان
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
لما طعن رضي الله عنه ، وتيقن أنه الموت كان من حسن توفيق الله الكريم له ، ونصيحته لله عز وجل في رعيته ، وحسن النظر لهم حيا وميتا ، أنه جعل الأمر بعده شورى بين جماعة من الصحابة الذين قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، وقد شهد لهم بالجنة ، وأخرج ولده من الخلافة ومن المشورة ، وقال لهم : "من اخترتم منكم أن يكون خليفة ، فهو خليفة" وهم ستة : عمر عثمان ، ، وعلي وطلحة ، والزبير ، وسعد ، رضي الله عنهم ، وجزاهم عن الأمة خيرا ، فما قصروا في الاجتهاد ، فرضي القوم وعبد الرحمن بن عوف بعثمان بن عفان رضي الله عنه ، فبايعه رضي الله عنه ، وسائر الصحابة ، لم يختلف عليه واحد منهم لعلمهم بفضله ، وقديم إسلامه ، ومحبته لله ولرسوله ، وبذله لماله لله ولرسوله ، ولفضل علمه ولعظيم قدره عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم له ، لا يشك في ذلك مؤمن عاقل ، وإنما يشك في ذلك جاهل شقي قد خطي به عن سبيل الرشاد ، ولعب به الشيطان ، وحرم التوفيق . علي بن أبي طالب
فإن قال قائل : فاذكر من بعض مناقبه ، ما إذا سمعها من جهل فضل رضي الله عنه ، رجع عن مذهبه الخطأ إلى الصواب ؟ عثمان
[ ص: 1747 ] قيل له : أول مناقبه تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه ، وتزويج النبي صلى الله عليه وسلم إياه ابنتيه ، ولم يزوجه إلا بوحي من السماء .
روى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس عثمان بن عفان" . "إن الله تعالى أوحى إلي أن أزوج كريمتي من
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
زوجه أولا فلما ماتت ، رقية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه : "يا هذا عثمان ، جبريل عليه السلام يخبرني أن الله عز وجل ، قد زوجك بمثل صداق أم كلثوم وعلى مثل صحبتها" . رقية ،
وروى رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قبر ابنته الثانية التي كانت عند أبو هريرة رضي الله عنه فقال : عثمان ، فلو كان لي عشر لزوجتهن عثمان ، وما زوجته إلا بوحي من السماء" . عثمان ، "ألا أبو أيم ، ألا أخو أيم يزوجها
ثم اعلموا ، رحمكم الله ، أنه إنما يسمى لأنه لم يجمع بين ابنتي نبي في التزويج واحدة بعد الأخرى من لدن عثمان ذا النورين ، آدم عليه السلام ، إلا رضي الله عنه ، فلذلك سمي "ذا النورين" فهذه أحد مناقبه الشريفة . عثمان بن عفان
ومنها أن قال : عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وفي كمه ألف دينار فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ولى . عثمان بن عفان
[ ص: 1748 ] قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده في حجره ويقول : "ما ضر عبد الرحمن بن سمرة : ما فعل بعد هذا اليوم أبدا" . عثمان جاء
وقال : "إن قتادة رضي الله عنه جهز في جيش العسرة تسعمائة وثلاثين بعيرا وسبعين فرسا" . عثمان
وقال : "حمل ابن شهاب الزهري رضي الله عنه في غزوة تبوك على تسعمائة بعير وأربعين بعيرا ، ثم جاء بستين فرسا فأتم بها الألف" . عثمان بن عفان
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : رضي الله عنه ، ثم ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك" . عثمان "من يشتري بئر رومة ، فيجعلها سقاية للمسلمين ، غفر الله له" . فاشتراها
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : عثمان بن عفان" . "لكل نبي رفيق ، ورفيقي
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : عثمان بن عفان" . "إن الملائكة لتستحيي من
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يوم القيامة لمثل عثمان بن عفان ربيعة ومضر" . " يشفع
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفتن كائنة تكون بعده ، وأخبر أن عثمان ، رضي الله عنه بريء منها .
وأخبر أنه يقتل مظلوما ، وأمره بالصبر ، فصبر رضي الله عنه ، حتى قتل مظلوما ، وقد اجتهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم ورحم أصحابه - في نصرته ، [ ص: 1749 ] فمنعهم ، وقال : أنتم في حل من بيعتي ، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل سالما مظلوما .
وكان يحيي الليل كله بركعة يختم فيها القرآن .
ومناقبه كثيرة شريفة عند من يعقل ممن نفعه الله الكريم بالعلم ، سنذكرها إن شاء الله في موضعها .