260 - باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة - أن يهجر جميع أهل الأهواء من مثل الخوارج ، والقدرية ، والمرجئة ، والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ولا يعامله ولا يناظره ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك .
فإن قال قائل : فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله ؟
قيل له : لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ، ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت .
إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه ، فأما لغير ذلك فلا .
وهذا الذي ذكرته لك مقول من تقدم من أئمة المسلمين ، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 2541 ] فأما الحجة في هجرتهم بالسنة ، فقصة هجرة الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج معه في غزاته بغير عذر : ، كعب بن مالك وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع [ رضي الله عنهم ] فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرتهم ، وأن لا يكلموا ، وطردهم حتى نزلت توبتهم من الله عز وجل .
وهكذا قصة لما كتب إلى حاطب بن أبي بلتعة قريش يحذرهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته وطرده . فلما أنزل الله توبته ، فعاتبه الله تعالى على فعله فتاب عليه .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "أفضل العمل الحب في الله والبغض في الله" .
وضرب رضي الله عنه عمر بن الخطاب لصبيغ ، وبعث إلى أهل البصرة ألا يجالسوه ؛ قال : فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه .
[ ص: 2542 ] وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام" .
وسنذكر عن التابعين وأئمة المسلمين معنى ما قلناه إن شاء الله .