ذكر الأخبار التي رويت عن الأوائل في إباحة (طعام العدو وعلفهم)
أجمع عوام أهل العلم إلا من شذ عنهم على أن . للقوم إذا دخلوا دار الحرب غزاة أن يأكلوا طعام العدو، وأن يعلفوا دوابهم من أعلافهم
6064 - حدثنا قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو نعيم قال: حدثنا عن أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، سويد غلام سلمان قال: لما فتحت المدائن وهزم العدو، ورجع سلمان ورهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا سويد: عندك شيء نأكله؟ قال: ما عندي شيء، ولكني خرجت في أثر العدو فأصبت سلة ما أدري ما فيها، قال: هات فإن يكن مالا دفعناه، إلى هؤلاء، وإن يكن طعاما أكلناه، فجاء بالسلة فإذا فيها أرغفة حوارى وجبنة [ ص: 68 ] وسكين، قال: وذاك أول ما رأت العرب الحوارى، فعجبوا من بياض ذلك الخبز فجعلوا يقولون: يا سلمان! كيف يصنع هذا؟ فجعل سلمان يخبرهم ويلقي إليهم الخبز ويقطع من ذلك (الجبن) فيأكلون .
وممن رخص في الطعام وعطاء بن أبي رباح، سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، والقاسم، وسالم .
ورخص في العلف الحسن البصري، والقاسم، وسالم، والشعبي، والثوري، والأوزاعي، . والشافعي
ورخص مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، في أكل الطعام في بلاد العدو . والشافعي
وذبح الأنعام من الإبل، والبقر، والغنم للأكل جائز في قول مالك، وجماعة من أهل العلم . [ ص: 69 ] والليث بن سعد،
وكان يقول: " لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام. وقال الزهري : " لا يبقى الطعام بأرض العدو، ولا يستأذن فيه الأمير يأخذه من سبق إليه، إلا أن ينهى الأمير عن شيء فيترك لنهيه، وكان سليمان بن موسى يأكل مما جاء به أعوانه من الطعام مما أصابوه دون المسالح، ولا يأكل مما جاؤوا به فيما خلف المسالح ويقول: أصبتموه في عزة الإسلام . مكحول
قال قد ذكرنا ما حضرنا من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعظيمه أمر الغلول والتغليظ فيه، وقوله: أبو بكر: وقوله: "هو في النار" ، لصاحب الكساء الذي غله، وقوله: "أدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله عارا ونارا وشنارا"، ثم ذكرنا بعد ذلك الأخبار الدالة على إباحة أكل الطعام، ثم ما عليه جمل أهل العلم من علماء الأمصار من إباحتهم أكل طعام العدو، فالطعام هو المرخص فيه من بين الأشياء، والعلف في معناه، فليس لأحد أن ينال من أموال العدو إلا الطعام للأكل، والعلف للدواب، وكل ما اختلف فيه بعد ذلك من ثمن طعام يبيعه، أو فضلة طعام يصل به إلى أهله، [ ص: 70 ] أو نعل وجراب، وسقاء وحبل وغير ذلك مردود إلى ما أمر برده من الخياط والمخيط، وقد روينا أخبارا عن الأوائل في منعهم من بيع الطعام وأخذ ثمنه، وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك مستغنى بها عن كل قول . " والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها الرجل يوم خيبر لتشتعل عليه نارا"،