ذكر شهادة المختفي  
أجمع أهل العلم على أن رجلا لو قال لشاهدين : أشهد أن لفلان ابن فلان علي مائة دينار مثاقيل أن عليهما أن يشهدا بها إذا دعاهما الطالب إلى إقامة الشهادة واختلفوا في الرجل يجلس [الرجلين] يخفيهما ويحضر خصما له ليستمعا منه ما يقر به ثم يسألهما الشهادة . 
فقالت طائفة : يشهدان سمعا ويجب أن يقضي القاضي بشهادتهما . 
 6738  - حدثنا  موسى بن هارون  قال : حدثنا شجاع  قال : حدثنا هشيم  ، عن الشيباني  ، عن محمد بن [عبيد الله] الثقفي  ، عن  عمرو بن حريث  أنه أجاز شهادة المختبئ  وقال : (ذلك) فليفعل بالخائن والفاجر  .  [ ص: 312 ] 
وقال أحمد  وإسحاق   : تجوز شهادتهما إذا كانا عدلين . وقال  سفيان الثوري   : إذا دعا الرجلان الرجل وقالا : ما نسمع ما يقول ولا نشهد عليه . قال : فإن جحد أحدهما صاحبه فينبغي له كذلك الذي دعي أن يشهد عليهما ، وهذا مذهب أصحاب الرأي   . وقال  الشافعي   : إذا سمع [الرجل] الرجل يقر لرجل بمال وصف ذلك من غصب أو بيع أو لم يصف فلازم له أن يؤديه ، وعلى القاضي أن يقبله . وقد روينا عن  الشعبي  ،  والنخعي  أنهما قالا : [السمع] شهادة . وقال  ابن سيرين   : إذا قالوا : لا تشهد علينا فاشهد بما سمعت . وكان  ابن أبي ليلى  يقول : السمع سمعان إذا قال : سمعته أقر على نفسه أجيزه ، وإذا قال : سمعت فلانا يقول : سمعته لم يجز . وقال  الشافعي   : لا يسع شاهدا أن يشهد إلا بما علم ، والعلم من ثلاثة وجوه : منها ما عاينه الشاهد فيشهد بالمعاينة ، ومنها ما سمع فيشهد بما أثبت سمعا من المشهود عليه ، ومنها ما تظاهرت به الأخبار بما لا يمكن في أكثره العيان ، وتثبت معرفته في القلوب فيشهد عليه بهذا الوجه .  [ ص: 313 ] 
وفيه قول ثان : وهو أن لا تجوز شهادة المختبئين ، وقال : إنهما ليسا بعدلين حين اختبئا لرجل يغررانه ، روي عن  الشعبي  ،  والنخعي  أنهما قالا : لا تجوز شهادة مختبئ . 
قال  أبو بكر   : وكأن  النخعي   والشعبي  قالا : السمع شهادة (المختبئ) . 
وقال  مالك  قولا ثالثا ، قال في رجل أدخل رجلين بيتا وأمرهما أن يحفظا ما سمعا ، وبعد برجلين من وراء البيت حتى أقر له به عليه ، فشهدوا عليه بذلك فقال : أما الرجل الذي شهد عليه الضعيف أو المخدوع أو الخائف الذي يخاف أن يكون استجهل وضعف وخدع فلا أرى ذلك يثبت عليه ، وليحلف ما أقر بذلك إلا ما يذكر لا أدري ما يقول ، وأما الرجل الذي ليس على ما وصفت ولإقراره ذلك وجه من الأمر عسى أن يكون يقول في خلوته تلك : أنا أقر لك خاليا ولا أقر عند البينة بأمر يعرف به وجه إقراره وصاحبه ما طلب منه ، فإنه عسى أن يثبت ذلك عليه .  [ ص: 314 ] 
				
						
						
