ذكر أبواب الاختلاف في الشهادات  
اختلف أهل العلم في الشاهدين يختلفان ، يشهد أحدهما بألف والآخر بألفين . فقالت طائفة : يجاز من ذلك ألف درهم ، هذا قول  ابن أبي ليلى  ، ويعقوب  ، ومحمد  ، والمزني   . 
قال  أبو بكر   : وقد روينا عن شريح  أنه قضى لرجل بألف درهم ، وقد شهد له أحد شاهديه بألف درهم ، وشهد الآخر بألف درهم ومائتي درهم . 
وأبطلت طائفة هذه الشهادة ، وممن أبطل ذلك : النعمان  ، ولو شهد أحد الشاهدين بألف درهم وخمسمائة درهم كانت الألف جائزة في قول  ابن أبي ليلى  ، والنعمان  ، وذكر الذي حكى هذا عن النعمان  أنه إنما أجاز هذا ، لأنه كان يقول : قد سمى الشاهدان جميعا ألفا ، وقال الآخر : خمسمائة فصارت هذه مفصولة من الألف . 
وقد روينا عن  الشعبي  أنه قال في رجل شهد عليه رجلان ، أحدهما على سبعة والآخر على ثلاثين فأبطل شهادتهما . 
وفيه قول ثالث : قاله  مالك   : قال : إذا شهد أحد الشاهدين لرجل على رجل بمائة درهم ، وشهد الآخر له بخمسين ، إن أراد حلف مع الذي شهد له على المائة وأخذها ، وإن أراد أخذ الخمسين بلا يمين . 
قال  مالك   : وقد تختلف الشهادة في اللفظ ويكون المعنى واحدا ،  [ ص: 355 ] فإذا كان المعنى واحدا رأيتها شهادة واحدة . 
قال  أبو بكر   : صدق  مالك  ، لو أن شاهدين شهدا على رجل بألف درهم شهد أحدهما بالعربية والآخر بالفارسية ، ولم يخلفا في المال جازت شهادتهما ، ذلك أن العرب والعجم لا تختلف أحكامهم في أبواب النكاح ، والطلاق ، والعتق ، والبيوع ، وغير ذلك يلزم كلا بلسانه ما يلزم غيره ، وكان  عمر بن الخطاب  يقول : من قال لرجل من أهل الحرب مطرس ، أو لا تدخل أن ذلك أمانا  . وقول أبي عبيد  كقول  مالك  ، وقال  (أشهب)   : في شاهدين شهد أحدهما بخمسمائة والآخر بألف ، فقال لصاحب الحق : احلف أن لك على هذا ألفا مع شاهدك . قال  إسحاق   : إن لم يحلف جازت على خمسمائة لما اتفقا على ذلك . وقال  الشافعي   : فإذا ادعى الرجل على الرجل ألفي درهم ، وجاء عليه بشاهدين شهد أحدهما له بألف والآخر بألفين سألتهما فإن زعما أنهما شهدا بها عليه بإقراره ، [أو] زعم الذي شهد بألف أنه شك في  [ ص: 356 ] ألفين وأثبت ألفا ، فقد ثبت عليه ألف بشاهدين إن أراد أخذها (بلا يمين وإن أراد أخذ الألف الأخرى التي له عليها شاهد واحد أخذها) بيمين مع شاهده ، وإن كانا اختلفا فقال الذي شهد بألفين : شهدت بها عليه من ثمن [عبد] قبضه ، وقال الذي شهد عليه بألف شهدت بها عليه من ثمن ثياب قبضها ، فقد بينا أن أصل [الحقين] مختلف فلا يأخذ إلا بيمين مع كل واحد منهما ، فإن أحب حلف معهما ، وإن أحب حلف مع أحدهما وترك الآخر إذا ادعى ما قالا . 
				
						
						
