باب ذكر اختلاف أهل العلم في الوقت الذي يجوز للمرأة ذات الزوج فيه الهبة والعطية
اختلف أهل العلم في الوقت الذي يجوز فيه للمرأة أن تهب من مالها وتعطي.
فقالت طائفة: ليس للمرأة في مالها أمر حتى تلد أو يحول عليها الحول في بيت زوجها.
8831 - حدثنا قال: حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن عامر، عن شريح قال: عهد إلي عمر أن لا أجيز هبة مملكة حتى تحول في بيتها حولا أو تلد بطنا.
وقال بمثل قول عمر: ، الشعبي وشريح ، ، وأحمد بن حنبل . وإسحاق بن راهويه
وفيه قول ثان: وهو أن لها أن تهب إذا ولدت.
قال : إذا ولدت الجارية، أو ولد مثلها جازت لها هبتها. [ ص: 44 ] إبراهيم النخعي
وقد روينا عن قولا ثالثا: وهو أنها إذا حالت في بيتها حولا جاز لها ما صنعت. الشعبي
وفيه قول رابع: وهو أن هكذا قال ليس لها أن تعطي شيئا من مالها إلا بإذن زوجها، ، وقال طاوس : لا تجوز عطيتها. الحسن البصري
8832 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو نعيم ، قال: حدثنا عباد بن أبي سليمان التميمي، قال: سمعت أنسا يقول: لا يجوز للمرأة شيء من مالها إلا بإذن زوجها.
وقال في البكر تعطي من مالها وهي في سترها، ثم تزوج، فتريد أن ترجع فيما أعطت: أن ذلك لها، ولا إجازة لها في مالها حتى تدخل بيتها، وتملك أمرها، إلا أن يكون الشيء اليسير الذي لا خطب له، فإن هي تزوجت ثم أقامت على التسليم، ثم أرادت أن ترجع فيما أعطت لم يكن ذلك لها. مالك
وقال في امرأة تصدقت على زوجها بصداقها كله أو بعضه قبل أن يدخل بها وهي بكر، ثم أنكرت وندمت، قال: أما البكر التي لم يدخل بها فلا أرى ذلك شيئا، وأما الثيب الذي قد جاز أمرها في مالها فذلك جائز، فإن طلقها فلا شيء له عليها. [ ص: 45 ] مالك
وفيه قول سادس: وهو أن لا فرق بينها وبين البالغ من الرجال، فما جاز من عطاء الرجل البالغ الرشيد جاز من عطائها.
هذا قول ، سفيان الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي. وأبي ثور
وقد روينا عن عطاء أنه قال: لا تجوز عطية المرأة في مالها.
8833 - وروينا عن ، أنه كتب فيما عمر بن عبد العزيز فإنه لا يجوز لها، وأما غير سفيهة ولا مضارة فإنه يجوز. تعطي المرأة من مالها بغير إذن زوجها إنما هي سفيهة أو مضارة،
وقد روينا في الباب حديثا مرفوعا.
8834 - حدثنا ، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل حماد قال: أخبرنا داود وحبيب، عن ، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمرو بن شعيب قيس ، عن مجاهد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها".
قال : وهذا إسناد يقول به قوم، ويقف آخرون عن القول به. أبو بكر
حدثني أبو بكر بن إسماعيل قال: حدثنا قال: وسئل حمدان بن علي الوراق ، عن أحمد بن حنبل ، فقال: ربما احتججنا [ ص: 46 ] بحديثه، وربما هجس في القلب منه شيء. عمرو بن شعيب
قال : وبقول أبو بكر الثوري أقول، وذلك لدلائل الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والشافعي
8835 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا قال: حدثنا سهل بن بكار ، وحدثنا شعبة قال: حدثنا محمد بن إسماعيل عفان قال: حدثنا ، قال: أخبرني شعبة أيوب ، قال: سمعت عطاء ، عن ، قال ابن عباس عطاء : أشهد على ، وإما قال ابن عباس : أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس بلال - أكثر علمي - فأمرهن بالصدقة". "أن رسول الله خرج يوم فطر فصلى، ثم خطب، ثم أتى النساء، ومعه
8836 - حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا قال: أخبرنا ابن أبي مريم محمد بن جعفر قال: أخبرني زيد، عن ، عن عياض بن عبد الله قال: أبي سعيد الخدري خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى فصلى، وانصرف فقام فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: "أيها الناس تصدقوا" ثم انصرف على النساء فقال: "يا معاشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار" فقلن: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، يا معشر النساء" فقلن: ما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل" قلن: بلى. قال: "فذلك من نقصان عقلها، [ ص: 47 ] وليست إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم" قال: "فذلك من نقصان دينها ...." وذكر الحديث.
وحدثني علي، عن أبي عبيد قوله: "تكفرن العشير" يعني الزوج، سمي عشيرا، [لأنه] يعاشرها وتعاشره، قال الله: ( لبئس المولى ولبئس العشير ) .
قال : فقد أمرهن بالصدقة أمرا عاما، لم يستثن ذات زوج ولا غير ذات زوج، فدل ذلك على إباحة أن تعطي المرأة مالها وتهب منه بغير إذن الزوج، وهذه أخبار ثابتة لا مطعن في إسنادها. أبو بكر
وقد سألته فقالت: أتتني أمي راغبة، في العهد الذي كان بين رسول الله وبين أسماء قريش، أصلها؟ قال: "نعم" ولم يأمرها باستئذان زوجها الزبير .
8837 - حدثنا ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا الحميدي سفيان، قال حدثنا أنه سمع أباه يقول: هشام بن عروة قالت: أتتني أمي راغبة في عهد أسماء ابنة أبي بكر قريش، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلها؟ قال: "نعم". أخبرتني أمي
قال سفيان: وفيها لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ) الآية. [ ص: 48 ] نزلت: (
وقد بعثت بلبن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فشربه، أم الفضل ولم يقل: استأذنت في ذلك زوجك أم لا، وذلك بعد الفتح في حجة الوداع، وقد روينا أخبارا تدل على هذا المعنى هي مذكورة في غير هذا الموضع.