ذكر اختلاف أهل العلم
في التغليس بصلاة الفجر والإسفار بها
اختلف أهل العلم في التغليس بصلاة الفجر والإسفار بها، فقالت طائفة: التغليس بها أفضل، قال : صليت خلف أنس بن مالك فاستفتح بسورة البقرة فقرأها في ركعتين. وكتب أبي بكر الصديق إلى عمر بن الخطاب أبي موسى : أن صل الصبح والنجوم بادية، وكتب إليه [ ص: 71 ] أن صل الفجر بسواد أو بغلس، وأطل القراءة. وذكر : أن عمرو بن ميمون كان يصلي الفجر، ولو كان بيني وبين ابني ثلاثة أذرع ما عرفته، وقال عمر بن الخطاب : كنا نصلي مع عمرو بن دينار بغلس. وقال ابن الزبير : كنا نصلي مع ابن الزبير عمر الفجر فينصرف أحدنا وما يعرف صاحبه.
وروينا عن أنه أكل وهو يريد الصوم فلما فرغ من طعامه قال علي بن أبي طالب لابن التياح: أقم الصلاة.
وروي عن أنه كان يغلس بالصبح، وكان ابن مسعود يصلي الصبح بسواد. وقال أبو موسى الأشعري : صل الصبح بغلس. وصلى أبو هريرة صلاة الفجر بغلس. ابن عمر
1041 - حدثنا قال: نا علي بن عبد العزيز القعنبي، عن عن مالك، عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، أن كتب إلى عمر بن الخطاب : "أن أبي موسى الأشعري صل الصبح والنجوم بادية، واقرأ فيها بسورتين طويلتين من المفصل".
1042 - حدثنا قال: أنا إسحاق، ، قال: أنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال: صليت خلف أنس بن مالك أبي بكر ، فاستفتح بسورة البقرة فقرأها في ركعتين، فقام عمر حين فرغ فقال: " ". [ ص: 72 ] يغفر الله لك! لقد كادت الشمس أن تطلع قبل أن تسلم، قال: لو طلعت لألفتنا غير غافلين
1043 - حدثنا علي، نا عارم، قال: نا ، عن حماد بن زيد أيوب، عن ، عن محمد بن سيرين المهاجر قال: أبي موسى "أن صل الفجر بسواد - أو بغلس - وأطل القراءة". كتب عمر إلى
1044 - حدثنا ، قال: نا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن منصور بن حيان الأسدي، عن ، قال: عمرو بن ميمون يصلي الفجر، ولو كان بيني وبين ابني ثلاثة أذرع ما عرفته. عمر بن الخطاب كان
1045 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا مسدد ، عن سفيان، عن ، قال: عمرو بن دينار بغلس، ثم نأتي جياد فنقضي حاجتنا ثم نرجع" ابن الزبير قال "كنا نصلي مع : كنا نصلي مع ابن الزبير عمر الفجر فينصرف أحدنا ولا يعرف صاحبه.
1046 - أخبرنا حاتم، أن ، حدثهم، قال: نا الحميدي سفيان، قال: ثنا شبيب بن غرقدة، أنه سمع [حبان] بن الحارث، يقول: " وهو معسكر بدير علي بن أبي طالب أبي موسى ، فوجدته يطعم فقال: ادن فكل، قلت: إني أريد الصوم، قال: وأنا أريد الصوم، فلما فرغ من طعامه [ ص: 73 ] قال لابن التياح: أقم الصلاة ". أتيت
1047 - حدثنا إسحاق، عن ، عن عبد الرزاق ، قال: أخبرني ابن جريج ، أنه سمع ابنا عمرو بن دينار لعبد الله بن مسعود يقول: يغلس بالصبح كما يغلس بها ابن مسعود ". ابن الزبير "كان
1048 - إبراهيم بن عبد الله، قال: أخبرنا روح، قال: نا حبيب بن شهاب، قال: سمعت أبي يقول: يصلي الصبح بسواد". أبو موسى الأشعري "كان
1049 - حدثنا علي، قال: نا القعنبي، عن عن مالك، يزيد بن زياد، عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل عن وقت الصلاة؟ فقال: أبا هريرة "صل الصبح بغلس".
1050 - حدثنا علان بن المغيرة، قال: نا عمرو بن خالد، قال: نا زهير ، قال: نا أبو إسحاق ، قال: سمعت يقول: عطاء بن أبي رباح صلاة الفجر بغلس". عبد الله بن عمر [ ص: 74 ] "صلى
1051 - وحدثونا عن ، قال: نا أحمد بن إبراهيم الدورقي ابن مهدي ، قال: نا ، عن حماد بن سلمة عبد الله بن إياس الحنفي، عن أبيه، قال: يصلي الفجر في نعليه، وينصرف وما يعرف بعضنا بعضا". عثمان بن عفان "كان
وكان عطاء يقول: يصلى الصبح حين يفجر الفجر الآخر. وروي [أن كتب إلى عمر بن عبد العزيز أن غلس بالفجر. وروي أن عبد الحميد بن عبد الرحمن عثمان كان يصلي الفجر وينصرف وما يعرف بعضنا بعضا.
وممن مذهبه أن يصلى الصبح بغلس ، مالك بن أنس ، والشافعي وأحمد، وإسحاق ، وأبو ثور.
واستحبت طائفة وممن كان هذا مذهبه الإسفار بالفجر ، وأصحاب الرأي، ورووا عن سفيان الثوري علي أنه قال لقنبر: يا قنبر أسفر، يا قنبر أسفر - يعني بصلاة الغداة - . وروي عن أنه كان يسفر بصلاة الغداة، وروي معنى ذلك عن ابن مسعود ، ابن الزبير وسويد بن [ ص: 75 ] غفلة، وابن سيرين، والنخعي.
1052 - حدثنا عن إسحاق، ، عن عبد الرزاق عن أبي بكر بن عياش، أبي حصين ، عن قال: خرشة بن الحر يغلس بصلاة الصبح، ويسفر، ويصليها بين ذلك". عمر بن الخطاب "كان
1053 - حدثنا ، قال: نا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن سعد بن عبيد الطائي، عن ، قال: علي بن ربيعة عليا، يقول لقنبر: "يا قنبر أسفر أسفر - يعني بصلاة الغداة". سمعت
1054 - ، قال: نا علي بن الحسن عبد الله، عن سفيان، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال: يسفر بصلاة الغداة". ابن مسعود "كان
1055 - وحدثونا عن الحسن بن علي ، قال: أنا ، قال: أنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي نهيك ابن [يريم] ، عن مغيث بن سمي ، أنه سمع ، [ ص: 76 ] يقول: "لما قتل ابن عمر عمر أسفر بها عثمان". قال ابن مغيث: "وكان ابن الزبير يسفر بصلاة الفجر".
1056 - ومن حديث بندار ، قال: نا عبد الرحمن، قال: نا معاوية بن صالح ، عن عن أبي الزاهرية، قال: صلى جبير بن نفير، معاوية بغلس، فقال : أبو الدرداء "أسفروا بهذه الصلاة فهو أخف عليكم".
واحتج بعض أهل الكوفة بحديث . رافع بن خديج
1057 - حدثنا قال: أنا محمد بن عبد الوهاب، يعلى، عن محمد بن إسحاق ، عن ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رافع بن خديج "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر".
واحتج من خالفهم ورأى أن التغليس بصلاة الصبح أفضل بالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على أن صلاته الفجر كان بغلس.
1058 - حدثنا وغيره، قالوا: نا محمد بن إسماعيل ، قال: نا الحميدي عبد الله بن الزبير سفيان، قال: ثنا - كما أخبرك الآن - قال: أخبرني الزهري ، عن عروة بن الزبير قالت: عائشة "كنا نساء [ ص: 77 ] (من) المؤمنات يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح وهن متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس" وربما قال سفيان: يعني [من] الغلس.
1059 - [أخبرنا الربيع ، أخبرنا ، أبنا الشافعي ، عن مالك بن أنس يحيى بن سعيد ، عن ، عن عمرة قالت: عائشة إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس].
1060 - [حدثنا] سليمان بن شعيب، قال: نا ، قال: نا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي نهيك بن [يريم] ، قال: نا مغيث بن سمي ، قال: غلس بصلاة الفجر فأنكرت ذلك عليه، فلما سلم التفت إلى ابن الزبير فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: "هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر وأبي بكر وعمر، فلما قتل عمر أسفر بها عثمان". إن
قال فدلت هذه الأخبار وسائر الأخبار في هذا الباب المذكورة في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب على أن النبي [ ص: 78 ] صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس، ودل على مثل ذلك الأخبار المذكورة في باب ذكر استحباب تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها، وكذلك كان فعل أبو بكر: أبي بكر وعمر، والتغليس بالصبح أشبه بظاهر كتاب الله، قال الله جل ذكره: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ، فالمصلي في أول وقت الصلاة أحرى بالمحافظة عليها ممن أخرها وعرضها للنسيان والعلل، مع أنا قد روينا في هذا الباب خبرا مفسرا يدل على آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر من فعله أولى عندنا وعند من خالفنا في جمل ما نعتمد نحن وهم عليه.
1061 - حدثنا قال: نا الربيع بن سليمان، ، قال: أخبرني ابن وهب أسامة، أن أخبره، أن ابن شهاب قال له عمر بن عبد العزيز عروة : سمعت بشير بن أبي مسعود الأنصاري يقول: سمعت أبا مسعود يقول: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات، ثم لم يعد إلى أن يسفر".
قال وثبوت أبو بكر أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التغليس دال على صحة هذا القول. [ ص: 79 ]
وقد فقال بعضهم: معنى ذلك أن يتبين الفجر الآخر. مال إلى هذا القول اختلف أهل العلم في معنى الإسفار، ، الشافعي وأحمد.
وقال بعضهم: معروف في كلام العرب قولهم: أسفرت المرأة عن وجهها، وأسفري عن وجهك، أي اكشفي.
وقال آخر: فلما احتمل الإسفار المعنيين، كانت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا تحتمل إلا معنى واحدا أولى، وقد روي عن أنه قال: لا يحتاج مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول أحد، وإنما كان يقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم يحيى بن آدم وأبي بكر وعمر؛ ليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو عليها.