ذكر تلقين السارق ما يزال به عنه القطع
ثابت عن أنه قال: ادرؤوا الحدود ما استطعتم . عبد الله بن مسعود
وقد روينا عن أنه أتي برجل فسأله: أسرقت؟ قل لا. فقال: لا، فتركه ولم يقطعه . عمر بن الخطاب
وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وأبي مسعود .
9076 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، قال: سمعت ابن جريج عطاء يقول: كان من مضى يؤتى أحدهم بالسارق فيقول: أسرقت؟ قل: لا، أسرقت؟ [علمي] أنه سمى أبا بكر وعمر، وأخبرني أن عليا أتي بسارقين معهما سرقتهما فخرج فضرب الناس بالدرة حتى تفرقوا عنهما .
9077 - حدثنا قال: حدثنا علي بن الحسن، عبد الله بن الوليد، عن سفيان عن عن علي بن الأقمر، يزيد بن أبي كبشة الشامي (قال) : أتي [ ص: 374 ] بجارية قد سرقت؟ يقال لها: أبو الدرداء سلامة، فقال: يا سلامة، سرقت؟ قولي: لا، قالت: لا، فتركها .
9078 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، عن وهيب بن خالد، سليمان الأسود، عن قال: أتي أبي المتوكل الناجي بسارق فقال: أسرقت؟ قل: لا . أبو هريرة
9079 - حدثنا قال: حدثنا علي بن الحسن، عبد الله، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، أن أبا مسعود أتي بامرأة سرقت جملا فقال: أسرقت؟ قولي: لا .
9080 - حدثنا قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، حجاج، قال: حدثنا حماد، عن عن عاصم بن بهدلة، أن زر بن حبيش، قال: ادرؤوا الحدود ما استطعتم . ابن مسعود
وكان أحمد بن حنبل، وإسحاق لا يريان بأسا بتلقين السارق إذا أتي به. وكذلك قال إذا كان السارق امرأة أو من لا يدري ما يصنع به أو ما يقول، وقد احتج بعض من رأى ذلك جائزا بقول [ ص: 375 ] النبي صلى الله عليه وسلم أبو ثور لماعز: "لعلك قبلت أو غمزت؟" قال: لا. قال: فإنما قال ذلك ليدرأ به عنه الحد، وفي أخبار أنه قال علي بن أبي طالب لشراحة: لعل زوجك أتاك، لعلك استكرهت .
فكل هذا يدل على درء الحد بالشبهة، وعلى إباحة . تلقين السارق والزاني بما يسقط به عنه الحد
قال وقد احتج بعض من يخالف هذا المذهب ويرى إقامة الحدود وترك التلقين الذي يسقط به الحد عن من وجب ذلك عليه، بقول الله: ( أبو بكر: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) ، وبقوله: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) قال: فأمر الله بجلد الزاني وقطع يد السارق، ولا يجوز إسقاط ذلك إذا ثبت .
وقال آخر: وليس يخلو التي قال لها أبو مسعود وغيرهما: أسرقت؟ قل لا. من أحد معنيين: إما أن يكون الحد قد وجب ببينة أو بإقرار، والحد إذا وجب لا يجوز إسقاطه، أو لا يكون وجب ذلك ببينة ولا إقرار فهذا حد لم يجب، ويسقط بعد الوجوب . وأبو الدرداء
فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم لماعز: فليس من هذا الباب بسبيل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ارتاب في أمر "لعلك قبلت أو غمزت" ماعز وقال: أبه جنة؟ وسأل عنه، وقول علي لشراحة من نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم لماعز .
قال وأحسن ما قيل في هذا الباب أن تلقين من قد وجب [ ص: 376 ] عليه الحد غير جائز، وتلقين من لم يجب الحد عليه من جهة ستر المسلم على أخيه المسلم حسن، ولعل من روي عنه أنه لقن السارق على هذا المعنى لقنه. والله أعلم . أبو بكر: