مسألة
اختلف أهل العلم في في خناقه : فقال كثير من أهل العلم : عليه القود . هذا قول الرجل يخنق الرجل بحبل حتى يموت ، عمر بن عبد العزيز ، وإبراهيم النخعي ، والشافعي . وحكي ذلك عن أحمد بن حنبل ، مالك بن أنس وعبيد الله بن الحسن .
وفيه قول ثان : قاله قال في رجل خنق حتى قتل ، قال : هو خطأ . وفي كتاب حماد بن أبي سليمان محمد بن الحسن : ولو أن رجلا خنق رجلا حتى مات أو طرحه في بئر فمات ، أو ألقاه من ظهر جبل ، أو من سطح فمات لم يكن عليه القصاص ، وكان على عاقلته الدية ، وإن كان خناقا قد خنق غير واحد [معروفا ] بذلك فعليه القتل .
وحكى آخر عن النعمان : أن الرجل إذا خنق رجلا بمخنقة [خناقا ] حتى قتله أن الدية على عاقلته ، ثم زعم أنه إن وجد قد خنق غير مرة في المصر وغير المصر فللإمام أن يقتله .
قال : جعل المقتول بالخنق وإن عمده في معنى الخطأ ، [ ص: 82 ] وجعل الدية على العاقلة ، ثم زعم أنه إن وجده قد خنق غير مرة فعليه القود ، فجعله مثل العامد ، يقال لمن يقول بقوله : هل رأيت بابا من أبواب القصاص يكون فاعله في أول فعله مخطئا وإن عمد الفعل ، فإذا ثنى أو ثلث ففعل مثل فعله الأول فعليه القود ، لأنه في معنى العامد ، ما لهذا القول معنى ، وفي إجماعهم على أن هذا قاتل ، إذ لا أعلم أحدا يدفع أنه قاتل ، أبو بكر والنعمان قائل معهم ذلك ، لأنه قال : حتى قتله مع تعمده القتل ما يوجب عليه القود ، لأنه قاتل : قتل عمد ، وقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " ، وقال : "ومن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين ، إن أحبوا العقل ، وإن أحبوا القود ، وقد ذكرت الحديث في غير موضع من هذا الكتاب ، وفيه : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث " "أو قتل نفس فيقتل به " ، وقال الله - جل ذكره : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) ، وقال : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) وهذا مقتول عمدا ، فعلى ظاهر الكتاب والسنة عليه القود ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل على اليهودي الذي رضخ رأس الجارية بالحجر القود ، وهذا في معناه مع أن حكاية قول هذا القائل حيث يفرق بين فعله الأول وبين أن يفعله مرات بغير حجة ما أغنى عن الإدخال عليه . [ ص: 83 ]