باب ذكر إثبات القصاص من العين
قال الله عز وجل : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) الآية .
قال : اختلف القراء في قراءة قوله : ( أبو بكر والعين بالعين ) فكان نافع وعاصم والأعمش وحمزة يقرؤونها كلها نصبا ، وكان الكسائي وأبو عبيد يقرآنها رفعا ( والعين بالعين ) ، فمن قرأها بالنصب جعل معناها على معنى قوله ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) إلى قوله : ( والجروح قصاص ) أي : كتبنا ذلك كله عليهم في التوراة ، ومن قرأها : ( والعين بالعين ) جعل ذلك ابتداء كلام حكم في المسلمين ، وجعل قوله : ( وكتبنا عليهم فيها ) في التوراة دون ما بعده ، وجعل قوله : ( والعين بالعين ) ابتداء حكم في المسلمين ، وهذا أصح القراءتين ، وذلك أنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 222 ] أنه قرأ : ( والعين بالعين ) وجب الحكم بالقصاص في العيون بين المسلمين ، ووجب قطع الأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن ، ووجب الاقتصاص من الجروح .
9476 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل سعيد بن سليمان ومحمد بن معاوية وغيرهما قالوا : حدثنا ، عن ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد أبي علي ابن يزيد ، عن ، الزهري عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : ( أنس بن مالك والعين بالعين ) .
9477 - وحدثنا ، عن علي بن عبد العزيز أبي عبيد قال : حدثنا حجاج ، عن هارون ، عن ، عن عباد بن كثير ، عن الزهري أنس ، أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) . [ ص: 223 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ (
وممن روي عنه [أنه ] كان يرى : القصاص من العين ، علي بن أبي طالب ، والشعبي ، والنخعي ومسروق ، ، ومحمد بن سيرين ، والحسن البصري ، وبه قال والزهري ومن تبعه من أهل مالك المدينة ، ، وسفيان الثوري والنعمان فيمن وافقهما من أهل العراق ، ، والشافعي وأحمد ، وإسحاق ، . وأبو ثور
قال : فالقصاص في العين يجب على قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم "والعين بالعين" وكذلك تقطع الأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ، والجروح قصاص ، كأنهم أمروا بالقصاص مخاطبة للمسلمين ابتداء كلام ، والعين بالعين . أبو بكر
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا قود من نقص البصر ، إذ غير ممكن الوصول إليه ، وأحسن ما روي في صفة [ ص: 224 ] الاقتصاص من البصر حديث أنه أمر بمرآة فأحميت ، ثم وضع على العين الأخرى قطنا ، ثم أخذ المرآة بكلبتين فأدناها من عينه حتى سال إنسان عينه . علي بن أبي طالب
9478 - حدثنا ، قال : حدثنا موسى بن هارون شجاع ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا أشعث ، عن ، قال : محمد بن سيرين ، فأمر ضرب رجل عين رجل فذهب بصره والعين قائمة علي بمرآة فأحميت ، ثم أمر بالرجل فلفوا على وجهه ثوبا وأبرز العين التي تلي العين التي فقأ ثم أدنى منها المرآة فجعل ينظر إليها حتى ذهب بصره .
9479 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن ، عن الحكم بن عتيبة يحيى بن جعدة ، أن أعرابيا قدم بحلوبة له المدينة ، فساومه مولى لعثمان بن عفان ، فنازعه فلطمه ففقأ عينه ، فقال له عثمان : هل لك أن أضعف لك الدية ، وتعفو عنه ؟ فأبى ، فرفعها إلى فدعا علي بن أبي طالب علي بمرآة فأحماها ، ثم وضع القطن على عينه الأخرى ، ثم أخذ المرآة بكلبتين ، فأدناها من عينه حتى سال إنسان عينه .
وقال بمثل قول علي : أحمد ، وإسحاق ، والنعمان ، وصاحباه . [ ص: 225 ]
وكذلك نقول . ، فأحسن ما قيل في ذلك ما قاله وإذا ضرب الرجل عين الرجل فأذهب بعض بصره وبقي بعض علي : أمر بعينه الصحيحة فعصبت ، وأعطى رجلا بيضة فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره ، ثم خط عند ذلك علما ، ثم أمر به ، فحول إلى مكان آخر ، ففعل ذلك فوجدوه سواء ، فأعطاه بقدر ما نقص من بصره من مال الآخر .
قال : وقد روينا عن أبو بكر عطاء أنه قال بنحو هذا المعنى . وبنحو ذلك قال مالك ، وكذلك نقول . والشافعي