23 - ما جاء في وضع الجائحة
11223 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا وأبو سعيد، قال: أخبرنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي عن سفيان بن عيينة، حميد بن قيس، عن سليمان بن عتيق ، [ ص: 88 ] عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: جابر بن عبد الله: "نهى عن بيع السنين، وأمر بوضع الجوائح".
11224 - قال سمعت الشافعي: يحدث هذا الحديث كثيرا في طول مجالستي له، لا أحصي ما سمعته يحدثه من كثرته، لا يذكر فيه: أمر بوضع الجوائح، لا يزيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم: سفيان ثم زاد بعد ذلك: نهى عن بيع السنين، وأمر بوضع الجوائح. قال وكان سفيان: يذكر بعد بيع السنين كلاما قبل وضع الجوائح لا أحفظه، فكنت أكف عن ذكره، لأني لا أدري كيف كان الكلام، وفي الحديث: حميد أمر بوضع الجوائح.
11225 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا قال: أخبرنا الشافعي عن سفيان، عن أبي الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. جابر،
11226 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا قال: أخبرنا الشافعي عن مالك، أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، أنه سمعها تقول: ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعالجه وأقام عليه حتى تبين له النقصان، فسأل رب الحائط أن يضع عنه، فحلف أن لا يفعل، فذهبت أم المشتري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تألى أن لا يفعل خيرا"، فسمع بذلك رب المال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هو له. عمرة: عن أمه
11227 - قال في رواية الشافعي قال أبي سعيد: في حديثه عن سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضع الجوائح ما حكيت، فقد يجوز أن يكون الكلام الذي [ ص: 89 ] لم يحفظه جابر، من حديث سفيان يدل على أنه أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف، وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعا حضا على الخير لا حتما، وما أشبه ذلك، ويجوز غيره، فلما احتمل الحديث المعنيين معا ولم يكن فيه دلالة على أيهما أولى به، لم يجز عندنا، والله أعلم، أن يحكم على الناس في أموالهم بوضع ما يجب لهم بلا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يثبت بوضعه. حميد
11228 - قال وحديث عمرة مرسل، وأهل الحديث ونحن لا نثبت المرسل، ولو ثبت حديث الشافعي: كانت فيه والله أعلم دلالة على أن لا توضع الجائحة، لقولها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرة فلو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول: ذلك لازم له، حلف أو لم يحلف. "تألى أن لا يفعل خيرا"،
11229 - قال حديث أحمد: قد أسنده عمرة حارثة بن أبي الرجال، فرواه عن أبيه، عن عن عمرة، إلا أن عائشة، حارثة ضعيف عند أهل العلم بالحديث، وأسنده عن يحيى بن سعيد، أبي الرجال، إلا أنه مختصر ليس فيه ذكر الثمر .
[ ص: 90 ] 11230 - وأما حديث سليمان بن عتيق، فقد أخرجه في الصحيح. مسلم
11231 - وأما حديث عن أبي الزبير، فكما رواه جابر، عن الشافعي، رواه سفيان، عن علي بن المديني، عن سفيان، عن أبي الزبير، جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضع الجوائح.
11232 - وقد رواه عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جابر، "إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟".
11233 - وهو مخرج في كتاب وهذا إن لم يكن واردا في مسلم، كما روينا في حديث بيع الثمار قبل بدو صلاحها، عن مالك، عن حميد، فهو صريح في المنع من أخذ ثمنها إن ذهبت بجائحة. أنس،
11234 - وقد روي في حديث عن محمد بن ثور، إن أصابته جائحة من السماء، وفيه نظر، ولا يصح حملها على ما يجتاح الناس في الأراضي الخراجية التي خراجها للمسلمين، فيوضع ذلك الخراج عنهم، فأما في الأشياء المبيعات فلا، وذلك أن حديث ابن جريج: ورد في البيع، ولم يكن يومئذ على أرض المسلمين خراج، ولا يمكن حمله على ما لو أصابتها جائحة قبل القبض؛ لأنه خص بهذا الحكم الثمار، وخص تلفها بجائحة من السماء، إن كان محفوظا فيما رواه جابر ولم يقيده بالقبض وعدم القبض فهو على العموم، إلا أنه يوافق [ ص: 91 ] حديث محمد بن ثور، عن مالك، عن حميد، في بعض ألفاظه، فيشبه أن يكون في معناه، ولعل أنس لهذا المعنى أو لغيره تكلم على حديث الشافعي سليمان بن عتيق، وعلق القول على ثبوته دون حديث والله أعلم. أبي الزبير،
11235 - أخبرنا قال: حدثنا أبو سعيد قال: أخبرنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، فيمن باع ثمرا فأصابته جائحة قال: "ما أرى إلا أنه إن شاء لم يضع". قال عمرو بن دينار، سعيد: يعني البائع.
11236 - قال وروي عن الشافعي: أنه باع حائطا له فأصابت مشتريه جائحة، فأخذ الثمن منه، ولا ندري أيثبت أم لا؟. سعد بن أبي وقاص،
11237 - قال ولم يبلغني إسناده لننظر فيه وأصح ما يحتج به لهذا القول ما أخبرنا أحمد: قال: أخبرنا أبو علي الروذباري قال: حدثنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث، بكير، عن عن عياض بن عبد الله، أنه قال: أبي سعيد أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا عليه"، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك". رواه في الصحيح، عن مسلم قتيبة.
11238 - واحتج لهذا القول بحديث النهي عن الشافعي وقوله: بيع الثمر حتى تنجو من العاهة، قال: ولو [ ص: 92 ] كان مالك الثمرة لا يملك ثمن ما أجيح من ثمرته ما كان لمنعه أن يبيعها معنى قبل أن يبدو فيها الصلاح. "أرأيت إن منع الله الثمرة، فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟"
11239 - وبسط الكلام في شرحه، ثم قال: وإن ثبت الحديث في وضع الجائحة لم يكن في هذا حجة.
11240 - وأمضى الحديث على وجهه قال: وهذا مما أستخير الله فيه، ولو صرت إلى القول به وضعت كل قليل وكثير.
[ ص: 93 ]