46 - المسلم يدخل دار الحرب فيشتري دارا أو غيرها
18229 - أخبرنا أبو عبد الله، قالا: حدثنا وأبو سعيد أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال: سئل الشافعي عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا، أو أرضا، أو رقيقا، أو ثيابا، فظهر عليه المسلمون؟ قال: "أما الدور والأرضون فهي من فيء المسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه". أبو حنيفة
18230 - وقال : "فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأوزاعي مكة عنوة، فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة، ولم يجعلها فيئا".
18231 - وقال أبو يوسف: مكة وأهلها وقال: "من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن فهو آمن" أبي سفيان ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد: "ما ترون أني صانع بكم؟" قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" [ ص: 294 ] ، ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا، لا دارا ولا أرضا ولا مالا، ولم يسب من أهلها أحدا، وقد قاتله قوم فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئا، ولم يجعله فيئا، وقد أخبرتك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في هذا كغيره، فهذا من ذلك ، فتفهم.
18232 - فأما الرجل المسلم الذي دخل دار الحرب، فالقول فيه كما قال ؛ لأن الدور والأرضين لا تحول ولا يحوزها المسلم. أبو حنيفة
18233 - قال القول ما قال الشافعي: ، إلا أنه لم يصنع في الحجة الأوزاعي بمكة ، ولا شيئا. أبو يوسف
18234 - لم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة، وإنما دخلها سلما، وقد سبق لهم أمان، والذين قاتلوا وأذن في قتلهم بمكة هم أبعاض قتلت خزاعة، وليس لهم بمكة دار ولا مال، وإنما هم قوم هربوا إليها، فأي شيء يغنم ممن لا مال له؟.
18235 - وأما غيرهم ممن بدأهم بالقتال فادعوا أن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال ولم ينفذ لهم أمانا، وادعى خالد بن الوليد خالد أنهم بدؤوه، ثم أسلموا قبل أن يظهر لهم على شيء.
18236 - ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره، فقد تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن".
18237 - قال: من يغنم مال من له أمان لا غنيمة على مال هذا وما يقتدى فيما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما صنع، وبسط الكلام في هذا [ ص: 295 ] .
18238 - وجرى في خلال كلامه أن ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم مبين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فيهما.
18239 - ولو جاز أن يقال في شيء لم يبين أنه خاص له: لعل هذا من الخاص له، جاز هذا في كل حكمه فخرجت أحكامه من أيدينا.
18240 - قال: وكيف يجوز أن يغنم مال المسلم وقد منعه الله بدينه، وبسط الكلام في هذا، واحتج بحديث ابني سعية، ومنع أن يكون بين الدور والأراضي وغيرها مما تحول فرق.
18241 - قال احتج بعض من خالفنا في هذا بأحاديث في نقض أحمد: قريش عهدهم، وأنهم لم يثبتوا على الصلح الذي جرى بالحديبية وذلك مسلم له إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران وأتاه ومن أتاه من أهل أبو سفيان مكة، عقد لأهل مكة الأمان إلا نفرا يسيرا سماهم بشرط، فقال: فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن كف يده فهو آمن"، أبي سفيان فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. "من دخل دار
18242 - فأما ما حكى من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار حين طافوا به: "انظروا إلى أوباش قريش وأتباعهم"، ثم قال: "إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا"، فإنما قال ذلك ، لأنه لم نعلم أن قريشا قبلت ما عقد لهم من الأمان، فدخل مكة مستعدا للقتال خوفا من غدرهم، وأمر الأنصار بالقتال إن قاتلوا.
18243 - والذي روي في حديثه من قوله لأبي سفيان: فاختلاف رواته في وقت حكايته يدل على أنهم قصدوا حكاية لفظه دون [ ص: 296 ] حكاية وقته، وقد بين "من دخل داره فهو آمن"، عبد الله بن عباس وعكرمة بن الزبير وعكرمة وسائر أصحاب المغازي، أن ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمر الظهران، ويجوز أن يكون أعاده بمكة، وكيف يجوز أن يكون ابتداؤه بعدما ظفر بهم، وليس للإمام ذلك بعد الظفر بهم؟.
18244 - ودعوى التخصيص من غير حجة غير مقبولة، ولا حجة في توهم الطلقاء أن السيف لا يرفع عنهم.
18245 - وهو كقول أبي سفيان للعباس حين وقفه ليرى كثرة الناس: أغدرا يا بني هاشم؟ فقال العباس: ستعلم أنا لسنا نغدر .
18246 - ولولا انعقاد الأمان لهم بما مضى لما قال ذلك، فلعلهم كانوا يتوهمون ما توهم فقال: "أنتم الطلقاء" وهو يريد الأمان السابق ووجود شرطه. أبو سفيان،
18247 - قال والنبي صلى الله عليه وسلم خرج لغزو أحمد: قريش، والفتح يكون بالصلح مرة، والقهر أخرى، وقد سمى الله تعالى صلح الحديبية فتحا.
18248 - قال في القديم: قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( الشافعي إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ، فلم يختلف الناس أن ذلك نزل يوم الحديبية، فسمى صلحهم فتحا ، وقد يقول الناس للمدينة تفتح: افتتحت صلحا، ويقال: افتتحت عنوة، فالفتح قد يكون صلحا، وقد يكون عنوة.
18249 - قال فليس في تسمية الناس خروجه غزوا، ودخوله أحمد: مكة فتحا، ما يدل على أنها فتحت عنوة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما أحلت لي ساعة من نهار" يريد، والله أعلم، دخولها معدا للقتال بغير إحرام، إن لم يقبلوا الأمان وقاتلوه.
18250 - والذي روي في حديث من إرادة أم هانئ علي قتل رجل أجارته فلعله رآه ومعه السلاح فظن أنه لم يقبل الأمان بدليل أن ذلك كان بعد قوله [ ص: 297 ] : "أنتم الطلقاء"، وخروجه من المسجد واشتغاله بالغسل وصلاة الضحى في ذلك الوقت لم يجز إلا قتل من استثناهم بالإجماع، والله أعلم.