1965 - أخبرنا أنا عبد الواحد المليحي، ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل نا محمد بن سلام، نا عبد الوهاب، أيوب ، عن محمد، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أبي بكرة
فكان محمد إذا ذكره، قال: صدق النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: "ألا هل بلغت، ألا هل بلغت". "الزمان قد استدار كهيئته، يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، أي شهر هذا؟"، قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس ذا الحجة؟"، قلنا: بلى، قال: "أي بلد هذا؟"، قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس البلدة؟"، قلنا: بلى، قال: "فأي يوم هذا؟"، قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس يوم النحر؟"، قلنا: بلى، قال: "فإن [ ص: 216 ] دماءكم وأموالكم"، قال محمد: وأحسبه قال: "وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن مسلم، ، عن أبي بكر بن أبي شيبة . عبد الوهاب الثقفي
وروي عن : ابن عمر ووقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، بين الجمرات في الحجة التي حج، وقال: "أتدرون أي يوم هذا؟"، بمثل معناه، وقال: "هذا [ ص: 217 ] يوم الحج الأكبر"، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: "اللهم اشهد"، وودع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع.
قوله: "الزمان قد استدار كهيئته"، أراد بالزمان الدهر وسنيه، قال شمر: الزمان والدهر واحد، وأنكر ذلك أبو الهيثم، وقال: الزمان زمان الحر، وزمان البرد، وزمان الرطب، ويكون الزمان من شهرين إلى ستة أشهر، والدهر لا ينقطع إلا أن يشاء الله عز وجل.
وقال : الدهر عند العرب يقع على بعض الدهر، وعلى مدة الدنيا كلها، سمعتهم يقولون: أقمنا على ماء كذا دهرا، فيجوز أن يقال: الزمان والدهر في معنى دون معنى. الزهري
وقوله: "قد استدار"، أي: دار.
وقوله: "وأعراضكم"، هي جمع العرض، والعرض: موضع المدح والذم من الإنسان، يريد الأمور التي يرتفع الرجل، أو يسقط بذكرها، فيجوز أن يكون فيه دون أسلافه، ويجوز أن يكون في أسلافه، فيلحقه النقيصة بذكرهم وعيبهم، هذا قول أكثر أهل اللغة، إلا ما قاله ابن قتيبة ، فإنه أنكر أن يكون العرض: الأسلاف، وزعم أن عرض الرجل نفسه، واحتج بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف أهل الجنة يعني: من أبدانهم، وبحديث "لا يتغوطون ولا يبولون إنما هو عرق يجري من أعراضهم، مثل ريح المسك"، أبي ضمضم "اللهم إني تصدقت بعرضي [ ص: 218 ] على عبادك"، يريد بنفسي، وأحللت من يغتابني.
وليس إليه أن يحل من يسب أسلافه الموتى، ويقول حسان:.
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء.
يريد: نفسه، والأول أولى، ولو كان المراد من الأعراض المذكورة في الحديث النفوس، لكان ذكر الدماء كافيا، لأن المراد من الدماء النفوس.
وأما قوله عليه السلام: "إنما هو عرق يجري من أعراضهم"، قال الأموي: هي المغابن والمواضع التي تعرق من الجسد، قال يقال فيه: فلان طيب العرض، يريد طيب الريح، وقول الأصمعي: أبي ضمضم: "تصدقت بعرضي على عبادك"، معناه: تصدقت على من ذكرني، أو ذكر أسلافي بما يرجع عيبه إلي، ولم يرد أنه أحل من أسلافه ما لحقهم بذكره، ولكن أحل مما وصل إليه من الأذى بذكرهم.
ومعنى قول حسان: وعرضي، أراد: جميع [ ص: 219 ] أسلافي الذين أمدح وأذم بذكرهم، فأتى بالعموم بعد الخصوص.
قوله: "لا ترجعوا بعدي ضلالا"، ويروى: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، معناه: لا تكن أفعالكم شبيه أفعال الكفار في ضرب رقاب المسلمين، وقيل: لا تكفر الناس، فتكفر كما يفعله الخوارج، وقيل: معنى قوله: "كفارا"، يعني لابسين السلاح، يقال: كفر فوق درعه: إذا لبس فوقها ثوبا، وسمي الكافر كافرا، لأنه يستر بكفره الإيمان، وسميت الكفارة كفارة، لأنها تغطي على الآثام.
قوله: "أليس البلدة"، أي: البلدة المحرمة كما قال الله سبحانه وتعالى: ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ) ، وقال عز وجل: ( رب اجعل هذا بلدا آمنا ) ، ويقال: إن البلدة اسم خاص لمكة، ولها سواها. أسماء
قال الإمام: يوم السابع من ذي الحجة المستحب للإمام أن يخطب في الحج أربع مرات: بمكة بعد ما صلى الظهر خطبة واحدة، يأمر الناس بالغدو إلى منى بعد ما صلوا الصبح من يوم التروية، ويخطب يوم عرفة بعد الزوال قبل الصلاة خطبتين، ويخطب يوم النحر خطبة واحدة بعدما صلى الظهر بمنى يعظهم فيها، ويبين لهم حكم النحر، والرمي ويخطب يوم النفر الأول بعدما صلى الظهر خطبة أخرى يودع فيها [ ص: 220 ] الحاج، ويعلمهم أن من أراد التعجيل، وترك رمي اليوم الثالث، والمبيت بمنى، فذلك له واسع.
وقد روي عن رافع بن عمرو المزني، قال: بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعلي يعبر عنه، والناس بين قائم وقاعد. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس
وروي عن عن أبيه، عن رجلين من ابن أبي نجيح، بني بكر، قالا: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخطب من أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته".
قال الإمام: خطبتا الجمعة، والعيدين، والخسوفين، والاستسقاء، وأربعة في الحج كلها سنة، إلا خطبة الجمعة، وكلها بعد الصلاة، إلا خطبة الجمعة، وخطبة يوم عرفة، كلها إشفاع، إلا ثلاثا في الحج خطبة يوم السابع، ويوم النحر، والنفر الأول. والخطب المشروعة عشرة:
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: معناه: أن العرب كانت في الجاهلية قد بدلت أشهر الحرم، وذلك أنهم كانوا يعتقدون تعظيم هذه الأشهر الحرم، ويتحرجون فيها عن القتال، فاستحل بعضهم القتال فيها من أجل أن عامة معايشهم كانت من الصيد والغارة، فكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر على التوالي، وكانوا إذا استحلوا شهرا منها، حرموا مكانه شهرا آخر، وهو النسيء الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه، فقال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض"، إنما النسيء زيادة في الكفر ) ، ومعنى النسيء: تأخير تحريم رجب إلى شعبان، والمحرم إلى صفر، مأخوذ من نسأت الشيء: إذا أخرته، وكان [ ص: 221 ] ذلك في كنانة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب، وإذا أخروا تحريم المحرم إلى صفر، ومكثوا لذلك زمانا، ثم احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر إلى الربيع ، فعلوا هكذا شهرا بعد شهر، حتى استدار التحريم على السنة كلها، فقام الإسلام، وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله، وذلك بعد دهر طويل، فذلك قوله عليه السلام: ( ويقال: كان قد استمر ذلك بهم حتى خرج حسابه من أيديهم، فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر، ويحجون من قابل في شهر غيره، إلى أن كان العام الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فوافى حجهم شهر الحج المشروع، وهو ذو الحجة، فوقف "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض"، بعرفة اليوم التاسع، وخطب اليوم العاشر بمنى، وأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان، وعاد الأمر إلى ما وضع الله عليه حساب الأشهر يوم خلق الله السماوات والأرض، وأمرهم بالمحافظة عليه، لئلا يتبدل في مستأنف الأيام.
وقال بعض أهل العلم: إنما أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج مع الإمكان، ليوافق أهل الحساب، فيحج فيه حجة الوداع، وحكي عن في تفسير قوله: "إن الزمان قد استدار كهيئته"، أنه في الحج، وذلك أن العرب في الجاهلية كانوا يحجون عامين في ذي القعدة، وعامين في ذي الحجة، فلما كانت السنة التي حدثنا فيها أبو بكر قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم، كان الحج في السنة الثانية من ذي القعدة، وكانت حجة النبي صلى الله عليه وسلم في العام المقبل في ذي الحجة، فذلك قوله: "إن الزمان قد استدار كهيئته"، يقول: قد ثبت الحج في ذي الحجة، والله أعلم. مجاهد
وقوله: "رجب مضر"، إنما أضافه إلى مضر، لأنها كانت تحافظ على [ ص: 222 ] تحريمه أشد من محافظة سائر العرب، ولم يكن يستحله أحد من العرب إلا حيان: خثعم، وطيئ، فإنهما كانا يستحلان الشهور، فكان الذين ينسئون الشهور أيام الموسم يقولون: حرمنا عليكم القتال في هذه الشهور إلا دماء المحلين، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة فيها.
وقوله: "بين جمادى وشعبان"، قال : يحتمل أن يكون ذلك على معنى توكيد البيان، كما قال في أسنان إبل الصدقة: "فإن لم يكن بنت مخاض، فابن لبون ذكر"، ومعلوم أن ابن اللبون لا يكون إلا ذكرا، ويحتمل أن يكون إنما قال ذلك من أجل أنهم كانوا نسؤوا رجبا، وحولوه عن موضعه، وسموا به بعض الأشهر الأخر، فنحلوه اسمه، فبين لهم أن رجبا هو الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا ما سموه به على حساب النسيء. أبو سليمان الخطابي
والله أعلم. [ ص: 223 ]
.