باب فضل الله سبحانه وتعالى مع هذه الأمة.
قال الله سبحانه وتعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ، وقال عز وجل: ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) ، يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم خلفوا سائر الأمم: وقيل: يخلف بعضكم بعضا.
4017 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة بن سعيد ، عن الليث ، عن نافع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ابن عمر [ ص: 219 ] الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر على قيراط قيراط؟ فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس، ألا لكم الأجر مرتين، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء، قال الله وهل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أعطيه من شئت ". إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب "
هذا حديث صحيح [ ص: 220 ] ذكر على هذا الحديث كلاما معناه: أن هذا الحديث يروى على وجوه مختلفة في توقيت العمل من النهار وتقدير الأجرة، ففي هذه الرواية قطع الأجرة لكل فريق منهم قيراطا قيراطا، وتوقيت العمل عليهم زمانا زمانا، واستيفاؤه منهم وإيفاؤهم الأجرة، وفيه قطع الخصومة وزوال العتب عنهم، وإبراؤهم من الذنب، وهذا الحديث مختصر، وإنما اكتفى الراوي منه بذكر مثال العاقبة فيما أصاب كل واحدة من الفرق من الأجر. الخطابي
وقد روى هذا الحديث بإسناده، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبيه وقال فيه: سالم بن عبد الله ، الحديث، فهذه الرواية تدل على أن مبلغ الأجرة لليهود لعمل النهار كله قيراطان، وأجرة النصارى النصف الباقي قيراطان، فلما عجزوا عن العمل قبل تمامه، لم يصيبوا إلا قدر عملهم، وهو قيراط، ثم إنهم لما رأوا المسلمين قد استوفوا قدر أجرة الفريقين حاسدوهم، فقالوا: نحن أكثر عملا وأقل أجرا. أوتي أهل التوراة التوراة، فعملوا حتى إذا انتصف النهار، عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، وأوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، ثم أوتينا القرآن، فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين "
وقد روى هذه القصة من طريق أبو عبد الله بزيادة بيان. أبي موسى الأشعري
4018 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، حدثني محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن العلاء ، عن أبو أسامة ، عن بريد ، [ ص: 221 ] عن أبي بردة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي موسى "مثل المسلمين، واليهود، والنصارى، كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار"، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم، وخذوا أجركم كاملا، فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقية يومكم هذا، ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر "، قالوا: ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال: "أكملوا بقية عملكم، فإنما بقي من النهار شيء يسير، فأبوا، فاستأجر قوما أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور".
هذا حديث صحيح.
فهذه الرواية ورواية سالم ، عن ، بخلاف رواية ابن عمر من ذكر عجزهم وقولهم: لا حاجة لنا إلى أجرك، وهو إشارة على تحريفهم [ ص: 222 ] الكتب وتبديلهم الشرائع والملل، وانقطاع الطريق بهم عن بلوغهم الغاية، التي حددت لهم، فحرموا تمام الأجرة لجنايتهم حيث امتنعوا من إتمام العمل الذي ضمنوه، فكان الصحيح من هذه القصة هذا بدليل قوله: "هل ظلمتكم من حقكم شيئا"، ولو لم يكن صورة الأمر على هذا، لم يصح هذا الكلام. نافع