4184  - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي  ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران السكري  ، ببغداد  ، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار  ، نا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي  ، نا  عبد الرزاق  ، أنا  معمر  ، قال: قال لي  الزهري   : ألا أحدثك بحديثين عجيبين، أخبرني  حميد بن عبد الرحمن  ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  " أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه، فقال: إذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا، فقال: ففعلوا به ذلك، فقال الله للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟  [ ص: 382 ]  . 
قال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك، فغفر له بذلك "  ، قال: وحدثني  حميد بن عبد الرحمن  ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت" ، قال  الزهري   : ذلك لئلا يتكل أحد، ولا ييأس أحد. 
هذا حديث متفق على صحته أخرجه  مسلم  ، عن  محمد بن رافع  ، عن  عبد الرزاق  ، وأخرج  محمد  الحديث الأول، عن عبد الله بن محمد  ، عن  هشام  ، عن  معمر   . 
قيل في قوله: "لئن قدر علي ربي" معناه: قدر بالتشديد من التقدير لا من القدرة، ومثله قوله سبحانه وتعالى في قصة يونس   : ( فظن أن لن نقدر عليه   ) ، قيل: هو من التقدير، أي: لن نقدر عليه بلاء وعقوبة، وهو ما قدر من كونه في بطن الحوت، يقال: قدر وقدر بمعنى واحد، وليس من القدرة، وقيل: معناه فظن أن لن نضيق عليه، من قوله سبحانه وتعالى: ( فقدر عليه رزقه   ) أي: فضيق. 
وفي بعض الروايات:  "فاذروني في الريح فلعلي أضل الله فلعلي أفوته"، يقال: ضل الشيء: إذا فات، ومنه قوله سبحانه وتعالى:  [ ص: 383 ]  ( في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى   ) أي: لا يفوته، وقيل: معناه لعل موضعي يخفى عليه. 
فإن قيل: كيف غفر له وهو منكر للبعث؟ قلنا: لم يكن منكرا للبعث، ولكن كان يفعله من خشية البعث، ولكنه كان جاهلا ظن أنه إذا فعل ذلك ترك فلم ينشر ولم يعذب، أو ظن أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه. 
				
						
						
