تأويل قول الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا   ) الآية  
قال الله جل ثناؤه : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا   ) ولم يبين لنا - عز وجل - في هذه الآية ما ذلك الطهور الذي أمرنا به ؟ وبينه لنا في آية أخرى وهي قوله - عز وجل - : ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا   ) وبين لنا أيضا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي أفعاله كيفية ذلك الغسل . 
 50  - حدثنا  أبو بكرة ،  قال : حدثنا  مؤمل بن إسماعيل ،  قال : حدثنا  سفيان الثوري ،  عن  أبي إسحاق ،  عن  سليمان بن صرد ،  عن  جبير بن مطعم ،  قال : ذكروا الغسل من الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أما أنا فآخذ بيدي ثلاثا فأفرغه على رأسي من الجنابة " .  
 51  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا أسد ،  قال : حدثنا  إسرائيل ،  عن  أبي إسحاق ،  عن سليمان بن صرد الخزاعي ،  عن  جبير بن مطعم ،  قال : تذاكرنا غسل الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل منا : كيف نفعل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فآخذ ملء كفي فأصب على رأسي ، ثم أفيض بعد على سائر جسدي " .  
وكان هذا المروي في السنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما المروي فيها من أفعاله فيما روي فيه عن  عائشة ،   وميمونة  زوجتيه . 
 52  - حدثنا يونس ،  قال : أخبرنا  ابن وهب ،  أن  مالكا ،  أخبره ، عن  هشام ،  عن أبيه ، عن  عائشة ،  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كل " .   [ ص: 88 ]  . 
 53  - حدثنا محمد بن خزيمة ،  قال : حدثنا حجاج الأنماطي ،  قال : حدثنا  حماد بن سلمة ،  عن  هشام بن عروة ،  عن أبيه ، عن  عائشة ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كان يتوضأ من الجنابة ،  ثم يدخل يده اليمنى في الماء ، ثم يخلل بها شق رأسه الأيمن ويتبع بها أصول الشعر ، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر بيده اليسرى كذلك حتى يستبرئ البشرة ، ثم يصب على رأسه الماء " فزاد هذا الحديث على حديث  مالك  التبدية بالشق الأيمن من الرأس على الشق الأيسر في الوضوء للجنابة . 
 54  - حدثنا محمد بن خزيمة ،  قال : حدثنا حجاج ،  قال : حدثنا حماد ،  عن  عطاء بن السائب ،  عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثلاثا ، ثم يأخذ بيمينه فيصب على يساره ، فيغسل فرجه حتى ينقيه ، ثم يغسل يديه غسلا حسنا ، ثم يمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ، ويغسل وجهه ثلاثا ، ويغسل ذراعيه ثلاثا ، ثم يصب على رأسه ثلاثا ، ثم يغسل جسده غسلا ، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه " .  
ففي هذا الحديث زيادة على الحديث تفريق الوضوء . 
 55  - حدثنا  الربيع المرادي ،  قال : حدثنا أسد ،  قال : حدثنا وكيع ،  عن  الأعمش ،  عن  سالم بن أبي الجعد ،  عن  كريب ،  قال : حدثنا  ابن عباس ،  عن خالته  ميمونة ،  قالت : " وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - غسلا فاغتسل من الجنابة ،  فأكفأ الإناء بشماله على يمينه فغسل كفيه ، ثم أفاض على فرجه فغسله ، ثم قال بيده على الأرض أو الحائط ، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ، وذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ثم أفاض على رأسه الماء ثلاثا ، ثم أفاض على سائر جسده ، ثم تنحى فغسل رجليه ، قالت : فأتيته بثوب ، فقال بيده هكذا ينفض الماء ، نفض الماء ورد الثوب " . 
ففي هذا الحديث ، وفي حديث  أبي سلمة ،  عن  عائشة  اكتفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصب الماء على رأسه من مسح رأسه ، إذ كانت الإفاضة على الرأس يريد على  [ ص: 89 ] مسحه . فدل ذلك على أن سائر الأعضاء المأمور بغسلها في الجنابة ، وفي الوضوء كذلك أيضا ، وأنه إذا أوصل الماء إليها فقد سقط بذلك الفرض عنها . 
				
						
						
