وقد خالفهم في ذلك غير واحد من أهل العلم منهم : مالك .
حدثنا يونس ، قال : حدثنا أن ابن وهب ، أخبره ، أنه سمع أهل العلم يقولون في الركاز : إنما هو دفن الجاهلية مما لم يطلب بمال ، ولم يكلف فيه كبير عمل ، فأما ما طلب بمال أو كلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز . مالكا
قال رحمه الله : هذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا وقالوا : دفن أهل الجاهلية مما غنمه أهل الإسلام فحكمه حكم الغنائم . مالك
يقال لهم : أما ما تأولتموه في الركاز ، فلم يحكوا لنا فيه أثرا متقدما يوجب لكم الحجة على مخالفيكم . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل أنه عنى دفن أهل الجاهلية ، وذلك أن يونس .
665 - حدثنا ، قال : حدثنا قال : حدثني ابن وهب ، عمر بن الحارث ، وهشام بن سعيد ، عن عن أبيه ، عمرو بن شعيب ، عن عبد الله بن عمرو مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : كيف ترى فيما يؤخذ في الطريق المئتاء أو في القرية المسكونة ؟ قال : " عرفه سنة ، فإن جاء باغيه فادفعه إليه وإلا بسائل به ، فإن جاء طالبه يوما من الدهر فأده إليه ، وما كان في الطريق غير المئتاء أو القرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس " . أن رجلا من
أفلا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعل الركاز غير الموجود في القرية ، وقد يكون الموجود فيها ظاهرا على أرضها أو مغيبا في أرضها فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركاز في هذا الحديث غيرهما . وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما وجهه أبين من وجه هذا .
666 - حدثنا جعفر بن أحمد بن الوليد الأسلمي ، قال : أخبرنا قال : أخبرنا بشر بن الوليد ، عن أبو يوسف ، عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن جده ، عن - رضي الله عنه - ، قال : أبي هريرة فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " المعدن جبار ، والبئر جبار ، والعجماء جبار ، وفي الركاز الخمس " فقلنا : يا رسول الله ، وما الركاز ؟ قال : " الذهب الذي خلق الله - عز وجل - في الأرض يوم خلقت " . كان أهل الجاهلية إذا عطب الرجل في بئر جعلوها عقلة ، وإذا قتلته دابة جعلوها عقلة ، وإذا قتله معدن جعلوه عقلة ، [ ص: 330 ] .
وهو في لغة العرب هكذا ، ومنه قول الله - عز وجل - : ( أو تسمع لهم ركزا ) أي : تسمع لهم صوتا خفيا لغيبوبتهم عنه .
ومنه قالوا : ركزت الرمح أي : غيبته ، فكل مغيب في الأرض مركوز فيها مما غيبه الله - عز وجل - فيها أو مما غيبه بنو آدم .
وقد روي عن ما يدل على أن مذهبه في المعادن هذا المذهب . ابن عباس
667 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن عن أبيه ، قال : سئل ابن طاوس ، عن ابن عباس فقال : " إن كان فيه شيء ففيه الخمس " . العنبر هل فيه صدقة ؟
فلما كان - رضي الله عنه - قد رد حكمه ، إن كان فيه شيء الخمس وهو مستخرج من البحر ، كان الذهب والورق المستخرجان من الأرض كذلك أيضا . ابن عباس
وقد كان ، وهو الذي روى حديث الركاز الذي ذكرنا ، يذهب في المعادن إلى وجوب الخمس فيما وجد فيها . الزهري
668 - حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا قال : حدثنا ابن المبارك ، يونس ، عن " الزهري " . في الركاز المعدن واللؤلؤ يخرج من البحر ، والعنبر من ذلك الخمس
وأما قولهم : إن كان الركاز الذي فيه الخمس مما قد غنم ، فإن هذا كلام فاسد ، لأنه لو كان كذلك لاختلف في البلدان المفتتحة صلحا والمفتتحة عنوة ، وكان في الموجود في المفتتح منها عنوة المرد الخمس لله - عز وجل - ، والأربعة الأخماس للذين فتحوا المدينة الموجودة فيها ، وما كان في المفتتحة صلحا فمردود على أهلها ، وقد منع الإجماع من ذلك وسووا جميعا بين حكم الركاز الموجود في كل المواضع ، وجعلوا حكمه حكم نفسه ، لا حكم موضعه الموجود فيه ، وإذا وجب أن يكون الموجود في المعادن من الذهب ومن الورق ، وكان أوجب أن يكون الخمس في عينه حيث وجده الرجل من ملكه ومن غيره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه لم يحصن بذلك ركازا دون ركاز " ، كما قال أبو يوسف ، ومحمد ، مما ذكرناه عنهما في هذا الكتاب ، لا كما قال فيه : من تفريقه بين ما وجده الرجل من ذلك في ملكه وبين ما وجده في غير ملكه على قدر ما ذكرناه في ذلك في هذا الباب . أبو حنيفة
وكان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد يجعلون الورق والذهب ، والحديد ، والرصاص ، والنحاس كله في حكم واحد ، ويجعلون ما وجد من ذلك في معدنه ركازا ، ويوجبون فيه [ ص: 331 ] الخمس على ما ذكرنا عن كل فريق في الذهب والورق في هذا الباب . حدثنا بذلك من قولهم محمد ، عن عن علي بن معبد ، محمد ، عن عن أبي يوسف ، قوله عن أبي حنيفة ، علي ، عن محمد ، عن من قوله ، وعن أبي يوسف علي ، عن محمد من قوله .