إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) تأويل قوله تعالى : (
قال الله - عز وجل - : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله ) .
فأما الفقر فهو ضد الغنى ، وليس بأن يكون الذي يقع عليه هذا الاسم ، لا يملك شيئا ، [ ص: 357 ] ولكنه على من لا يملك ما يكون به غنيا وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي إذا ملكه الرجل دخل به في حكم الغنى ، وخرج به من حكم الفقر ، وحرمت عليه الصدقة ، فقالوا في ذلك أقوالا مختلفة .
وروى كل فريق منهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما يوافق مذهبه ، فطائفة منهم تقول : من كان عند أهله ما يغديهم أو ما يشبعهم حرمت بذلك عليه الصدقة ، وخرج به من الفقر ، ومن كان عند أهله دون ذلك ، أو كان لا شيء عند أهله كان من الفقراء الذين تحل لهم الصدقة وروى أهل هذا القول ما احتجوا به لمذهبهم حديث سهل بن الحنظلية ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
743 - حدثنا عبد الملك بن مرزوق الرقي ، قال : حدثنا عن أيوب بن سويد ، قال : حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، ربيعة بن يزيد ، عن أبي كبشة السلولي ، قال : حدثني سهل بن حنظلة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " " . من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم
قلت : يا رسول الله ، وما ظهر غنى ؟ قال : " أن يعلم عند أهله ما يغديهم أو ما يشبعهم " .
744 - حدثنا قال : حدثنا الربيع المرادي ، عن ابن بشر بن بكر ، جابر ، ثم ذكر بإسناده مثله .
قالوا : وقد دل هذا الحديث على وعلى الفقر الذي به تحل الصدقة ، . الغنى الذي تحرم به الصدقة
وطائفة منهم يقولون : من ملك أوقية ، وهي أربعون درهما ، أو عدلها من الذهب فهو غني ، والصدقة عليه حرام ومن كان لا يملك من الورق أوقية ، ولا من الذهب عدلها فهو فقير ، والصدقة له حلال ، وروى أهل هذا القول ما احتجوا به حديثا عن رجل من بني أسد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
745 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا أن ابن وهب ، حدثه ، عن مالكا عن زيد بن أسلم ، عطاء [ ص: 358 ] بن يسار ، أسد ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقول لرجل يسأله : " من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا " عن رجل من بني والأوقية يومئذ أربعون درهما .
قالوا : فقد دل هذا الحديث على وعلى الفقير الذي تحل له الصدقة . الغني الذي تحرم عليه الصدقة ،