ولما استدللنا في كتابنا هذا أن السبيل إلى الحج هي الوصول إليه ، كان من كان غير واصل إلى الحج ممن لم تلحقه فريضة الحج بالكتاب ، ولكن لحقته بالسنة . فكان حكمه في حج غيره عنه كحكمه في حجه عن نفسه لو كان قادرا على ذلك . وثبت بما في كتاب الله عز وجل ، الحج على الواصلين . ولم يعد ذلك المكلفين البالغين الأصحاء العقول الأحرار من الرجال . وثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج على العاجزين الواجدين من يحج عنهم .
فأما النساء فإنهن لا يكن واجدات للسبيل إلا بما ذكرنا وبوجود الأزواج ، أو ذوي المحارم المحرمات الذين يخرجون معهن . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما روي عنه ما :
1130 - قد حدثنا يونس ، قال حدثنا سفيان ، عن عمرو سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول : قال ابن عباس : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها ذو محرم . فقام رجل فقال : يا رسول الله إني قد اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، وقد أردت أن أحج امرأتي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احجج مع امرأتك .
1131 - وما قد حدثنا يونس أيضا ، قال حدثنا قال حدثنا ابن وهب ، عن ابن جريج ، عمرو بن دينار .
وما قد حدثنا حدثنا أبو بكرة ، قال أخبرنا أبو عاصم ، قال : أخبرني ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، أبي معبد ، عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله . ابن عباس
قال فدل ذلك أن أبو جعفر : المرأة يحرم عليها السفر إلا مع زوجها أو مع من سواه ممن يكون في السفر معها كزوجها من ذوي أرحامها المحرمات عليها .
[ ص: 16 ] ولما لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل عن ذلك الحج هل هو فريضة أو تطوع ، دل ذلك على استواء حكمها عنده في حاجة المرأة إلى الزوج أو إلى ذوي الرحم المحرمة فيهما . وعلى أنه غير أنه لم يوقت لنا في السفر المذكور في هذا الحديث وقتا . ووجدنا ما سواه قد ذكر لنا فيه وقت . وقد روينا ذلك فيما تقدم من كتابنا هذا . وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ليس للمرأة أن تسافر إلى كل واحد منهما إلا على ما تسافر به إلى الآخر منهما . ودل ذلك على أن المرأة إذا عدمت ذلك فليست من مستطيعي السبيل . تسافر امرأة سفرا ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها " .