وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم ) تأويل قوله تعالى : (
قال الله - عز وجل - : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ، فكانت هذه الآية من المتشابه الملتمس تأويله مما سواه من الكتاب ومن السنة ، فأما قوله - عز وجل - : ( وإذا ضربتم في الأرض ) فالمراد [ ص: 190 ] بالضرب في الأرض السفر ، لقوله - عز وجل - : ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ) ، وأجمع المسلمون على أن المراد بالأسفار من هذا خاص منها . فقال بعضهم : هو ما كانت مسافته مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا .
وممن قال ذلك أبو حنيفة ، وسفيان ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد . ورووا ذلك عن ابن عمر .
340 - حدثنا قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن موسى بن أعين ، عن خصيف بن عبد الرحمن ، عن نافع ، " أنه ابن عمر : ولكنه إذا خرج إلى كان يسافر اليوم واليومين لا يقصر الصلاة ، خيبر قصر الصلاة وهي مسيرة ثلاثة أيام " .
341 - حدثنا روح بن الفرج ، قال حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي ، قال حدثنا قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، عن عبيد الله بن عمرو ، خصيف ، عن قال : كنت أسافر مع نافع ، عبدالله بن عمر اليوم واليومين فلا يقصر الصلاة ، فإذا سافرنا ثلاثا قصر الصلاة " .
342 - حدثنا قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن عبد السلام بن حرب ، خصيف ، عن قال : " نافع ، يومين فلم يقصر ، وسافرت معه ثلاثا فقصر " ابن عمر . سافرت مع
وقال بعضهم : تقصر الصلاة في مسيرة أربع برد ، ومقدار ذلك مسيرة اليوم التام وهو قول رحمه الله ، وقد روي ذلك عن مالك ابن عمر ، . وابن عباس
343 - حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : " ابن لهيعة ، ابن عمر " يقصران الصلاة في أربع برد " . وابن عباس كان
344 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا بن وهب ، أن حدثه ، عن مالكا عن ابن شهاب ، سالم ، " كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام " عبد الله [ ص: 191 ] . أن
345 - حدثنا قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، سالم ، عن أبيه ، مثله .
ولما اختلفوا في ذلك وتكافأت الأخبار فيه ، عن نظرنا في ذلك فوجدناه مما لا يوصل إلى استخراجه من جهة القياس والاستنباط ، وكان ظاهر الآية يوجب أن ابن عمر ، يقصر الصلاة من ضرب في الأرض إلى قريب الأسفار وبعيدها .
فلما أجمعوا أن تأويل الآية ليس على العموم الذي كان هو أولى بظاهرها ، وأنها على خاص من الأسفار ، خرجت بذلك من حكم العموم ، ودخلت في حكم الخصوص الذي يحتاج إلى الوقوف عليه بمعنى ثان ، فوجدناهم قد أجمعوا على أن الإنسان أن يتم الصلاة قبل أن يدخل في السفر ، وأنه إذا دخل في السفر الذي مقدار مسافة ثلاثة أيام قصر الصلاة ، وأن ذلك مما قد دخل في الآية ، واختلف في الداخل في السفر الذي هو دون ذلك ، فلم يدخله في الخاص المراد بهذه الآية ، إذ لا إحاطة معنا فيه أنه داخل فيها ، ورددنا حكمه في ذلك إلى الحكم الذي كان عليه قبل دخوله في السفر .