61 - وسمعت أبا عمر ، صاحب اللغة يقول : سمعت ثعلبا ، يقول : أجمع أهل اللغة أن تحيتهم يوم يلقونه سلام أن اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة ، ونظرا بالأبصار [ ص: 76 ] . معنى قوله :
وقالت الجهمية : إن النظر لا يكون إلا بطول وعرض ولون وجسم . فيقال لهم : أخبرتمونا عن الله تعالى ، أليس هو شيئا ؟ ، فإذا قالوا : بلى ، قيل لهم : فإن النظر يكون إلى ذلك الشيء .
وقالت الجهمية : إنكم شبهتم ربكم بالقمر ، فقلتم : " ترون ربكم كما ترون القمر " .
فتفهموا رحمكم الله جهلهم وكذبهم ، وافتراءهم على الله تعالى ، وعلى رسوله ، وعلى المؤمنين من عباده ، في كل أحوالهم ، فهل سمعتم عن أحد أنه قال : إن الله تعالى مثل القمر ؟ وإنما يقال : إنه يرى كما يرى القمر ، ألا ترى أنك تنظر إلى القمر كما تنظر إلى الأرض ، وليس القمر مثل الأرض ؟ ولكن النظر مثل فتنظر إلى الشيء العظيم كما تنظر إلى الشيء الصغير ، وهما مختلفان ، والنظر إليهم واحد ، ويجوز أن تقول : أهدى إلي رجل فرسا فأهديت إليه ثوبا ، وأهدى إلي شاة فأهديت إليه بقرة ، فيقال له : لم فعلت ذلك ؟ فيقول : أهديت إليه كما أهدى إلي ، فليس الثوب مثل الفرس ، ولا الشاة مثل البقرة ، ولكن الهدية مثل الهدية في الاسم [ ص: 77 ] .
واتفاق المعنى في الفعل لا في الشخصين ، وكذلك النظر مثل النظر في الاسم ، وليس المنظور إليه كله سواء .