باب التحذير من صحبة قوم يمرضون القلوب ويفسدون الإيمان
قد أعلمتك يا أخي - عصمني الله وإياك من الفتن ووقانا وإياك جميع المحن - أن الذي أورد القلوب حمامها ، وأورثها الشك بعد اتقائها ، هو وقد كفي العقلاء مؤنته ، وأن الذي أمرضها بعد صحتها ، وسلبها أثواب عافيتها ، إنما هو من صحبة من تغر ألفته ، وتورد النار في القيامة صحبته . أما البحث والسؤال فقد شرحت لك ما إن أصغيت إليه - مع توفيق الله - عصمك ، ولك فيه مقنع وكفاية ، وأما الصحبة فسأتلو عليك من نبأ حالها ما إن تمسكت به نفعك ، وإن أردت الله الكريم به وفقك ، قال الله عز وجل فيما أوصى به نبيه صلى الله عليه وسلم وحذره منه : البحث والتنقير وكثرة السؤال عما لا تؤمن فتنته
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين .
ثم أذكره ما حذره وأعاد له ذكر ما أنذره فقال تعالى :
وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا . [ ص: 430 ]