كتاب الحدود  [ ص: 286 ]  [ ص: 287 ] كتاب الحدود 
1 - باب الزنا 
 3186  - قال  الشافعي  رحمه الله : كان أول عقوبة الزانيين في الدنيا : الحبس ، والأذى ، ثم نسخ الله الحبس والأذى في كتابه ، فقال : الزانية والزاني ، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة   . 
قال الشيخ : قد روينا هذا عن  عبد الله بن عباس ،  ثم عن  مجاهد ،  زاد  مجاهد  في قوله :  " أو يجعل الله لهن سبيلا "  قال : الحدود . 
 3187  - أخبرنا  أبو عبد الله الحافظ  ،  وأبو طاهر الفقيه ،  قالا : أخبرنا  علي بن حمشاد ،  أخبرنا  الحارث بن أبي أسامة ،  أخبرنا  عبد الوهاب بن عطاء ،  أخبرنا  سعيد يعني ابن أبي عروبة ،  عن  قتادة ،  عن  الحسن ،  عن حطان بن عبد الله الرقاشي ،  عن  عبادة بن الصامت ،  وكان عقبيا بدريا أحد نقباء الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك ، وتربد له وجهه ، فأنزل عليه ذات يوم ، فلقي ذلك ، فلما أن سري عنه قال : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب : جلد مائة ، ثم رجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ، ثم نفي سنة " .  
 3188  - قال  الشافعي :  قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " خذوا عني ، فقد جعل الله لهن سبيلا "  أول ما أنزل فنسخ به الحبس ، والأذى عن الزانيين ، فلما رجم النبي صلى الله عليه وسلم ، ماعزا ،  ولم يجلده ، وأمر أنيسا  أن يغدو على امرأة الآخر ، فإن اعترفت  [ ص: 288 ] رجمها دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين ، وثبت الرجم عليهما .  
 3189  - أما حديث ماعز ،  فأخبرنا  أبو عبد الله الحافظ ،  أخبرنا  أبو العباس محمد بن يعقوب ،  أخبرنا  جعفر بن محمد الصائغ  ، والعباس بن محمد الدوري  ح وأخبرنا  أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري  ببغداد ،  أخبرنا  إسماعيل بن محمد الصفار ،  أخبرنا عباس بن عبد الله الترقفي  قالوا : أخبرنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي ،  أخبرنا أبي ، أخبرنا غيلان بن جامع ،  عن  علقمة بن مرثد ،  عن  سليمان بن بريدة ،  عن أبيه قال : جاء ماعز بن مالك  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! طهرني ، فقال : " ويحك ارجع ، فاستغفر الله ، وتب إليه " ، قال : فرجع غير بعيد ، ثم جاءه ، فقال : يا رسول الله ! طهرني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ارجع ، فاستغفر الله ، وتب إليه " ، قال : فرجع غير بعيد ، ثم جاء ، فقال : يا رسول الله ! طهرني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " مم أطهرك " ؟ فقال : من الزنا ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم : " أبه جنون ؟ " فأخبر أنه ليس به جنون ، فقال : " أشرب خمرا ؟ فقام رجل ، فاستنهكه ، فلم يجد منه ريح خمر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أثيب أنت ؟ " قال : نعم ، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فرجم ، فكان الناس فيه فرقتين تقول فرقة : لقد هلك ماعز  على أسوأ عمله ، لقد أحاطت به خطيئته ، وقائل يقول : ما توبة أفضل من توبة ماعز  أن جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضع يده في يده ، فقال : اقتلني بالحجارة ، قال : فلبثوا بذلك يومين ، أو ثلاثة ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم جلوس ، فسلم ، ثم جلس ، ثم قال : " استغفروا لماعز بن مالك " ،  فقالوا : أيغفر الله لماعز بن مالك ،  قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتها " . 
ثم جاءته امرأة من غامد  من الأزد ،  فقالت : يا رسول الله ! طهرني ، فقال : " ويحك ارجعي ، واستغفري الله ، وتوبي إليه " ، قالت : لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك ،  قال : " وما ذلك " قالت : إنها حبلى من الزنا ، قال : " أثيب أنت ؟ " قالت : نعم قال : " إذا لا نرجمك حتى تضعي ما في بطنك " ،  [ ص: 289 ] قال : فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد وضعت الغامدية ،  فقال : " إذا لا نرجمها ، وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه " ، فقام رجل من الأنصار ، فقال : إلي رضاعه يا رسول الله ، فرجمها " .  
 3190  - وروينا في حديث  حماد بن سلمة ،  عن  سماك بن حرب ،  عن  جابر بن سمرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ، ولم يذكر جلدا " .  
 3191  - وروينا في حديث  أبي هريرة  أن الأسلمي  جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه ، فأقبل في الخامسة ، فقال : " أنكتها ؟ " قال : نعم ، قال : " حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ؟ " قال : نعم ، قال : " كما يغيب المرود في المكحلة ، والرشا في البئر " قال : نعم ، قال : " هل تدري ما الزنا ؟ " قال : نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال : " فما تريد بهذا القول ؟ " قال : أريد أن تطهرني ، فأمر به ، فرجم " .  
 3192  - أخبرنا  أبو علي الروذباري ،  أخبرنا  أبو بكر بن داسة ،  أخبرنا  أبو داود ،  أخبرنا  الحسن بن علي ،  أخبرنا  عبد الرزاق ،  عن  ابن جريج ،  أخبرني  أبو الزبير  أن عبد الرحمن بن الصامت  ابن عم  أبي هريرة ،  أخبره أنه سمع  أبا هريرة  يقول : جاء الأسلمي ،  فذكره . 
 3193  - أخبرنا  أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري  ببغداد ،  أخبرنا  إسماعيل بن محمد الصفار ،  أخبرنا  أحمد بن منصور ،  أخبرنا  عبد الرزاق ،  أخبرنا  معمر ،  عن  الزهري ،  عن  أبي سلمة ،  عن  جابر بن عبد الله  أن رجلا من أسلم  جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا ، فأعرض عنه ، ثم اعترف ، فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ، : " أبك جنون ؟ " قال : لا ، قال : " أحصنت ؟ " قال : نعم ، فأمر به النبي  [ ص: 290 ] صلى الله عليه وسلم فرجم بالمصلى ، فلما أذلقته الحجارة ، فر فأدرك فرجم حتى مات ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيرا ، " ولم يصل عليه .  
هذا هو الصحيح لم يصل عليه ، ورواه  البخاري  عن  محمود بن غيلان ،  عن  عبد الرزاق  قال فيه : فصلى عليه ، وهو خطأ لإجماع أصحاب  عبد الرزاق  على خلافه ، وإنما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجهنية ،  وهو فيها . 
 3194  - أخبرنا  أبو بكر بن فورك ،  أخبرنا  عبد الله بن جعفر ،  أخبرنا  يونس بن حبيب ،  أخبرنا  أبو داود ،  أخبرنا  هشام ،  عن  يحيى بن أبي كثير  أن  أبا قلابة  حدثه عن أبي المهلب ،  عن  عمران بن حصين :  أن امرأة من جهينة  أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي حبلى من الزنا ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها أن يحسن إليها ، فإذا وضعت حملها ، فائتني بها ففعل ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، فشكت عليها ثيابها ، ثم أمر بها ، فرجمت ، ثم صلى عليها ، فقال له  عمر :  يا رسول الله أتصلي عليها ، وقد زنت ، فقال : " لقد تابت توبة لو قسمت بين أهل المدينة  لوسعتهم ، وهل وجدت شيئا أفضل من أن جادت بنفسها " .  
وقال غيره ، عن  هشام   " بين سبعين من أهل المدينة " ،   وكأنه سقط من كتابي ، أو من كتاب شيخي ، وأما حفير المرجوم : - 
 3195  - فقد روينا عن  أبي سعيد الخدري  أنه قال في ماعز بن مالك ،  فوالله ما حفرنا له ولا أوثقناه " .  
 3196  - وروينا عن بشير بن مهاجر ،  عن  عبد الله بن بريدة ،  عن أبيه ، قال : فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فحفر له حفرة ، فجعل فيها إلى صدره ،  وقال في الغامدية ،  ثم أمر بها ، فحفر لها حفرة ، فجعلت فيها إلى صدرها ،  وكذلك في حديث  أبي بكرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم ، رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة .   [ ص: 291 ] 
وفي رواية اللجلاج  في قصة الشاب المحصن الذي اعترف بالزنا قال : فأمر به ، فرجم ، فخرجنا به ، فحفرنا له حتى أمكنا ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ .  
 3197  - وفي حديث  أبي هريرة  في قصة ماعز ،  فلما وجد مس الحجارة فر يشتد ، فمر رجل معه لحي بعير ، فضربه ، فقتله ، فذكر فراره للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أفلا تركتموه " .  
 3198  - وفي رواية يزيد بن نعيم بن هزال ،  عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في ماعز  لما ذهب :  " ألا تركتموه ، فلعله يتوب ، فيتوب الله عليه " ،  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا هزال  لو كنت سترته عليه بثوبك لكان خيرا لك مما صنعت " . 
 3199  - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان ،  أخبرنا  أحمد بن عبيد ،  أخبرنا  محمد بن غالب ،  أخبرنا  أبو حذيفة ،  أخبرنا  سفيان ،  عن  زيد بن أسلم ،  عن يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي ،  فذكره . 
 3200  - وأما حديث أنيس الأسلمي ،  فأخبرنا  أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ،  أخبرنا  عبد الله بن جعفر بن درستويه ،  أخبرنا  يعقوب بن سفيان ،  أخبرنا ابن قعنب ،  وابن بكير ،  عن  مالك ،  عن  الزهري ،  عن  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،  عن  أبي هريرة ،  وزيد بن خالد الجهني  أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أحدهما : يا رسول الله ! اقض بيننا بكتاب الله ، وقال الآخر ، وكان أفقههما : أجل يا رسول الله ، اقض بيننا بكتاب الله ، ائذن لي أن أتكلم قال : " تكلم " قال : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة ، وجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم ، فأخبروني أن على ابني جلد مائة ، وتغريب عام ، وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله : أما غنمك وجاريتك ، فرد " إليك " ، وجلد ابنه مائة ، وغربه عاما ، وأمر أنيسا الأسلمي  أن يأتي امرأة الآخر ، فإن اعترفت رجمها ، فاعترفت ،  [ ص: 292 ] فرجمها " .  
 3201  - وأخبرنا  أبو عبد الله الحافظ ،  أخبرنا  أبو العباس محمد بن يعقوب ،  أخبرنا  الربيع بن سليمان ،  أخبرنا  الشافعي ،  أخبرنا  مالك ،  فذكره بإسناده نحوه . 
 3202  - أخبرنا أبو زكريا بن إبراهيم ،  أخبرنا  أبو الحسن الطرائفي ،  أخبرنا  عثمان بن سعيد ،  أخبرنا  القعنبي  فيما قرأ على  مالك ،  وأخبرنا يحيى بن إبراهيم ،  أخبرنا  أبو العباس الأصم ،  أخبرنا  الربيع ،  أخبرنا  الشافعي ،  أخبرنا  مالك ،  عن  يحيى بن سعيد ،  عن  سليمان بن يسار ،  عن  أبي واقد الليثي  أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه أتاه رجل ، وهو بالشام ،  وفي رواية  القعنبي  رجل من أهل الشام ،  فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا ، فبعث  عمر بن الخطاب   أبا واقد الليثي  إلى امرأته يسألها عن ذلك ،  فأتاها ، وعندها نسوة حولها ، فذكر لها الذي قال زوجها  لعمر بن الخطاب ،  وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله ، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع ، فأبت أن تنزع ، وثبتت على الاعتراف ، فأمر بها  عمر بن الخطاب  فرجمت " . 
وفي رواية  القعنبي :  وتمت على الاعتراف . 
 3203  - أخبرنا  أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ،  أخبرنا  أبو سعيد بن الأعرابي ،  أخبرنا  الحسن بن محمد الزعفراني ،  أخبرنا  سفيان بن عيينة ،  عن  الزهري ،  عن  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،  عن  ابن عباس  قال : قال  عمر :   " قد خشيت أن  [ ص: 293 ] يطول بالناس زمان حتى يقول القائل : ما نجد الرجم في كتاب الله عز وجل ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله عز وجل ، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل وقامت البينة ، أو كان الحمل ، أو الاعتراف ، فقد قرأناها : ( الشيخ ، والشيخة إذا زنيا ، فارجموهما البتة ) ، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجمنا بعده .  
 3204  - وروي عن  أبي الزبير ،  عن  جابر  أن رجلا زنا بامرأة ، فلم يعلم بإحصانه ، فجلد ، ثم علم بإحصانه ، فرجم " . 
				
						
						
