1896  - وذكر محمد بن حارث  في أخبار  سحنون بن سعيد  ، عن سحنون  ، قال : كان  مالك بن أنس  ، وعبد العزيز بن أبي سلمة  ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار  وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز  ، وكان إذا سأله  مالك  وعبد العزيز  أجابهما وإذا سأله  ابن دينار  وذووه لم يجبهم ، فتعرض له  ابن دينار  يوما فقال له : يا  أبا بكر  لم تستحل مني ما لا يحل لك ؟ قال له : يا ابن أخي وما ذاك ؟ قال : يسألك  مالك  وعبد العزيز  فتجيبهما وأسألك أنا وذوي فلا تجيبنا ؟ فقال : " أوقع ذلك يا ابن أخي في قلبك ؟ " قال : نعم ، قال : إني قد كبر سني ورق عظمي ، وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثل الذي خالطني في بدني " ومالك  وعبد العزيز  عالمان فقيهان إذا سمعا مني حقا قبلاه وإذا سمعا مني خطأ تركاه وأنت وذووك ما أجبتكم به قبلتموه ، قال محمد بن حارث   : هذا والله هو الدين الكامل والعقل الراجح لا كمن يأتي بالهذيان ويريد أن ينزل من القلوب منزلة القرآن " قال  أبو عمر   : " يقال لمن قال بالتقليد : لم قلت به وخالفت السلف في ذلك ؟ فإنهم لم يقلدوا  فإن قال : قلدت ؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله ، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له : أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه ، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض ، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض ، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه ، فإن قال : قلدته لأني علمت أنه صواب قيل له : علمت ذلك بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع ، فإن قال : نعم ، فقد أبطل التقليد وطولب بما ادعاه من الدليل وإن قال : قلدته لأنه أعلم مني ، قيل له : فقلد كل من هو أعلم منك فإنك تجد من ذلك خلقا كثيرا ولا يحصى من قلدته إذ علتك فيه أنه أعلم منك وتجدهم في أكثر ما ينزل بهم من  [ ص: 995 ] السؤال مختلفين فلم قلدت أحدهم ؟ فإن قال : قلدته لأنه أعلم الناس قيل له : فهو إذا أعلم من الصحابة وكفى بقول مثل هذا قبحا وإن قال : إنما قلدت بعض الصحابة قيل له : فما حجتك في ترك من لم تقلد منهم ؟ ولعل من تركت قوله منهم أعلم وأفضل ممن أخذت بقوله على أن القول لا يصح لفضل قائله وإنما يصح بدلالة الدليل عليه " . 
				
						
						
