وقد تكلمنا فيما تقدم في إلا أنه خالف أمر الله في قوله: ( وجوب الاحتراز من المؤذي ولو لم يكن المسافر بغير زاد وتزودوا ) أخبرنا أبو بكر بن حبيب ، نا أبو سعد بن أبي صادق ، نا قال: سمعت ابن باكويه أبا أحمد الكبير يقول سمعت أبا عبد الله بن خفيف قال خرجت من شيراز في السفرة الثالثة فتهت في البادية وحدي وأصابني من الجوع والعطش ما أسقط من أسناني ثمانية وانتثر شعري كله.
قال المصنف رحمه الله: قلت هذا قد حكى عن نفسه ما ظاهره طلب المدح على ما فعل والذم لاحق به: أخبرنا ، نا أبو منصور القزاز أحمد بن علي بن ثابت ، نا عبد الكريم بن هوازن قال: سمعت يقول سمعت أبا عبد الرحمن السلمي محمد بن عبد الله الواعظ.
وأخبرنا أبو بكر بن حبيب ، نا أبو سعد بن أبي صادق ، نا واللفظ له ثنا أبو عبد الله بن باكويه أبو الفضل يوسف بن علي البلخي ، ثنا محمد بن عبد الله أبو حمزة الصوفي. قال إني لأستحي من الله أن أدخل البادية وأنا شبعان وقد اعتقدت التوكل لئلا يكون شبعي زادا تزودته. قال المصنف رحمه الله: قلت وقد سبق الكلام على مثل هذا وإن هؤلاء القوم ولو كان هكذا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزود لما خرج إلى الغار قد خرج من التوكل. وكذلك ظنوا أن التوكل ترك الأسباب. موسى لما طلب الخضر تزود حوتا. وأهل الكهف حين خرجوا فاستصبحوا دراهم واستخفوا ما معهم وإنما خفي على هؤلاء لجهلهم وقد اعتذر لهم معنى التوكل أبو حامد فقال لا يجوز دخول المفازة بغير زاد إلا بشرطين أحدهما أن يكون الإنسان قد راض نفسه حيث يمكنه الصبر على الطعام أسبوعا ونحوه والثاني أن يمكنه التقوت بالحشيش ولا تخلو البادية من أن يلقاه آدمي بعد أسبوع أو ينتهي إلى حلة أو حشيش يرجى به وقته.
قال المصنف رحمه الله: قلت: أقبح ما في هذا القول أنه صدر من فقيه فإنه قد لا يلقى أحدا وقد يضل وقد يمرض فلا يصلح له الحشيش وقد يلقى من لا يطعمه ويتعرض بمن لا يضيفه وتفوته الجماعة قطعا وقد يموت ولا يلبه أحد. ثم قد ذكرنا ما جاء في الوحدة ثم ما المخرج إلى هذه المحن إن كان يعتمد فيها على [ ص: 292 ] عادة أو لقاء شخص والاجتزاء بحشيش وأي فضيلة في هذه الحال حتى يخاطر فيها بالنفس. وأين أمر الإنسان أن يتقوت بحشيش ومن فعل هذا من السلف وكأن هؤلاء القوم يجزمون على الله سبحانه هل يرزقهم في البادية. ومن طلب الطعام في البرية فقد طلب ما لم تجر به العادة ألا ترى، أن قوم موسى عليه السلام لما سألوا من بقلها وقثائها وفولها وعدسها وبصلها أوحى الله إلى موسى أن ( اهبطوا مصرا ) وذلك لأن الذي طلبوه في الأمصار فهؤلاء القوم على غاية الخطأ في مخالفة الشرع والعقل والعمل بموافقات النفس.
أخبرنا ، نا محمد بن ناصر المبارك بن عبد الجبار ، نا عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا إبراهيم بن محمد بن جعفر الساجي ، نا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر ، ثنا ، نا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال الحسن بن أحمد الكرماني ، ثنا ، ثنا أبو بكر شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ، عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال كان أهل ابن عباس. اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن متوكلون فيحجون فيأتون إلى مكة فيسألون الناس فأنزل الله عز وجل: ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) . أخبرنا أبو المعمر الأنصاري ، نا يحيى بن عبد الوهاب بن منده ، نا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ، نا محمد بن حسان ، ثنا أبو بكر أحمد بن هارون المردنجي ، ثنا عبد الله بن الأزهر ، ثنا أسباط ، ثنا محمد بن موسى الجرجاني قال سألت عن محمد بن كثير الصنعاني فقال سألتني عن أولاد الشياطين ولم تسألني عن الزهاد. فقلت له: فأي شيء الزهد؟ قال: التمسك بالسنة والتشبه بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا الزهاد الذين لا يتزودون ولا ينتعلون ولا يلبسون الخفاف. ، نا محمد بن ناصر أبو الحسين بن عبد الجبار ، نا عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا إبراهيم بن محمد الساجي ، نا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر ، نا ، نا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال أحمد بن الحسين بن حسان أن سئل عن أبا عبد الله أحمد بن حنبل فأنكره إنكارا شديدا وقال أف أف لا لا ومد بها صوته إلا بزاد ورفقاء قافلة. قال الرجل يريد المفازة بغير زاد الخلال: وقال وجاء رجل إلى أبو بكر المروزي فقال رجل يريد سفرا أيما أحب إليك يحمل معه زادا أو يتوكل. فقال له أبي عبد الله يحمل معه زادا ويتوكل حتى لا يتشرف للناس قال أبو عبد الله الخلال: وأخبرني إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر حدثهم أن رجلا سأل أيخرج الرجل إلى أبا عبد الله مكة متوكلا لا [ ص: 293 ] يحمل معه شيئا قال لا يعجبني فمن أين يأكل قال فيتوكل فيعطيه الناس قال فإذا لم يعطوه أليس يتشرف لهم حتى يعطوه لا يعجبني هذا. لم يبلغني أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين فعل هذا.