[فصل]:
وقد الصوفية بين الشريعة والحقيقة. وهذا جهل من قائله لأن الشريعة كلها حقائق. فإن كانوا يريدون بذلك الرخصة والعزيمة فكلاهما شريعة وقد أنكر عليهم جماعة من قدمائهم في إعراضهم عن ظواهر الشرع. وعن فرق كثير من أبي الحسن غلام شعوانة بالبصرة يقول سمعت أبا الحسن بن سالم يقول جاء رجل إلى وبيده محبرة وكتاب فقال سهل بن عبد الله لسهل جئت أن أكتب شيئا ينفعني الله به. فقال اكتب، إن استطعت أن تلقى الله وبيدك المحبرة والكتاب فافعل: قال يا أبا محمد أفدني فائدة. فقال: الدنيا كلها جهل إلا ما كان علما، والعلم كله حجة إلا ما كان عملا، والعمل كله موقوف إلا ما كان منه على الكتاب والسنة. وتقوم السنة على التقوى وعن أنه قال احفظوا السواد على البياض فما أحد ترك الظاهر إلا تزندق وعن سهل بن عبد الله أنه قال سهل بن عبد الله فإن عدلت عن طريق العلم خطوة تهت في الظلام أربعين صباحا. وعن ما من طريق إلى الله أفضل من العلم أبي بكر الدقاق قال: سمعت يقول: كل باطن يخالف ظاهرا فهو باطل. وعن أبا سعيد الخراز أبي بكر الدقاق أنه قال: كنت مارا في تيه بني إسرائيل فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين للشريعة فهتف بي هاتف من تحت شجرة كل حقيقة لا تتبعها الشريعة فهي كفر.
قال المصنف رحمه الله: وقد نبه الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب الإحياء فقال: وقال من قال إن الحقيقة تخالف الشريعة أو الباطن يخالف الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان. جعلت الصوفية الشريعة اسما وقالوا المراد منها الحقيقة قال وهذا قبيح لأن الشريعة وضعها الحق لمصالح الخلق وتعبداتهم فما الحقيقة بعد هذا سوى شيء واقع في النفس من إلقاء الشياطين وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع. ابن عقيل