[ ص: 316 ] قال المصنف رحمه الله: قد سبق القول بأن وأن إبليس يحسن للإنسان إطفاء النور ليتمكن منه في الظلمة ولا ظلمة كظلمة الجهل. ولما خاف إبليس أن يعاود هؤلاء مطالعة الكتب فربما استدلوا بذلك على مكايده حسن لهم دفن الكتب وإتلافها وهذا فعل قبيح محظور وجهل بالمقصود بالكتب وبيان هذا أن أصل العلوم القرآن والسنة فلما علم الشرع أن حفظهما يصعب أمر بكتابة المصحف وكتابة الحديث فأما القرآن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية دعا بالكاتب فأثبتها وكانوا يكتبونها في العسب والحجارة وعظام الكتف ثم جمع القرآن بعده في المصحف العلم نور صونا عليه ثم نسخ من ذلك أبو بكر رضي الله عنه وبقية الصحابة وكل ذلك لحفظ القرآن لئلا يشذ منه شيء. وأما السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قصر الناس في بداية الإسلام على القرآن وقال: عثمان بن عفان "لا تكتبوا عني سوى القرآن" فلما كثرت الأحاديث ورأى قلة ضبطهم أذن لهم في الكتابة. فروي عن رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلة الحفظ فقال: "ابسط رداءك" فبسط رداءه وحدثه النبي عليه الصلاة والسلام وقال: "ضمه إليك". فقال أبي هريرة فلم أنس بعد ذلك شيئا بما حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة وفي رواية أنه قال: يعني بالكتابة. "استعن على حفظك بيمينك" وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قيدوا العلم" فقلت يا رسول الله وما تقييده قال: "الكتابة" عبد الله بن عمرو وروى عنه أيضا قال رافع بن خديج قلنا يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها قال: "اكتبوا ولا حرج".