قال المصنف رحمه الله: واعلم أن الصحابة ضبطت ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحركاته وأفعاله واجتمعت الشريعة من رواية هذا ورواية هذا. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بلغوا عني" وقال: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها" وتأدية الحديث كما يسمع لا يكاد يحصل إلا من الكتابة لأن الحفظ خوان وقد كان رضي الله عنه يحدث بالحديث فيقال له: أمله علينا فيقول لا بل من الكتاب وقد قال أحمد بن حنبل أمرني سيدي علي بن المديني أن لا أحدث إلا من الكتاب فإذا كانت الصحابة قد روت السنة وتلقتها التابعون وسافر المحدثون وقطعوا شرق الأرض وغربها لتحصيل كلمة من ههنا وكلمة من هنا وصححوا ما صح وزيفوا ما لم يصح وجرحوا الرواة وعدلوا [ ص: 317 ] وهذبوا السنن وصنفوا ثم من يغسل ذلك فيضيع التعب ولا يعرف حكم الله في حادثة فما عوندت الشريعة بمثل هذا. أحمد بن حنبل وقد روينا عن الإمام فهل لشريعة من الشرائع قبلنا إسناد إلى نبيهم وإنما هذه خصيصة لهذه الأمة. مع كونه طاف الشرق والغرب في طلب الحديث أنه قال لابنه ما كتبت عن فلان؟ فذكر له أحمد بن حنبل فقال الإمام أن النبي عليه الصلاة والسلام "كان يخرج يوم العيد من طريق ويرجع من أخرى" إنا لله سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبلغني وهذا قوله مع إكثاره وجمعه فكيف بمن لم يكتب وإذا كتب غسل أفترى إذا غسلت الكتب ودفنت على ما يعتمد في الفتاوى والحوادث على فلان الزاهد أو فلان الصوفي أو على الخواطر فيما يقع لها نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى. أحمد بن حنبل