سجع على قوله تعالى : لينذر يوم التلاق
، وتسيل دموع الآماق من الأحداق على تفريط الأباق ، ويضيق على العصاة الخناق إذا عز الإعتاق ، وتبرز الجحيم فيها الحميم والغساق معد للفجار والفساق ، لفحتهم فأحالت جمالهم وما لهم من الله من واق ، واطلعت على [ ص: 267 ] الأفئدة وبواطن الأعماق يحلون بها ولا يحل لهم وثاق ، حرها شديد ويزيد بإطباق الأطباق ، وا أسفا كم يهددون وكم كم إحداق ، هذا وأهل الجنة قد نالوا الرضا بالوفاق ، فازوا وحازوا مراتب السباق ، فهم في ضياء نور كامل وإشراق ، ونعيم لا يحاط بوصفه مديد الرواق ، وكؤوس مملوءة فيا حسن الدهاق ، كانوا يشتاقون إلى المحبوب وهو إليهم بالأشواق ، حدا لهم حادي العزم فجدت النياق ، وقد أعلمنا بما يجري على الفريقين يوم الافتراق يوم تذل فيه الأعناق لهيبة الخلاق ، ويخسر أهل الشقاق بالرياء والنفاق ، وتشهد الصحف والأوراق بالأعمال والأخلاق على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق .
يوم هم بارزون أي ظاهرون من قبورهم لا يخفى على الله منهم شيء فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لا يخفى عليه من أعمالهم شيء ، قاله ، والمراد التهديد بالجزاء وإن كان لا يخفى عليه اليوم شيء ، والثاني : لا يستترون منه بجبل ولا مدر ، قاله ابن عباس والثالث : أن المعنى : أبرزهم جميعا ، حكاه قتادة ، الماوردي .
لمن الملك اليوم اتفقوا على أن هذا الكلام يقوله الله تعالى بعد فناء الخلق ، واختلفوا في وقت قوله على قولين : أحدهما : أنه يقوله عند فناء الخلائق إذا لم يبق مجيب ، فيرد هو على نفسه فيقول : الله الواحد القهار ، قاله الأكثرون ، والثاني : أنه يقوله في القيامة . قوله تعالى :
وفيمن يجيبه قولان : أحدهما : أنه يجيب نفسه ، وقد سكتت الخلائق لقوله ، قاله والثاني : أن الخلائق يجيبونه فيقولون : لله الواحد القهار ، قاله عطاء ، ابن جريج .