سجع على قوله تعالى : ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون
، مزجت لهم كؤوس المنايا فباتوا يتجرعون أين الذين كانوا في اللذات يتقلبون ، ويتجبرون على الخلق ولا يغلبون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
مدوا أيديهم إلى الحرام ، وأكثروا من الزلل والآثام ، وكم وعظوا بمنثور ومنظوم من الكلام ، لو أنهم يسمعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
حمل كل منهم في كفن ، إلى بيت البلى والعفن ، وما صحبهم غيره من الوطن ، من كل ما كانوا يجمعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
[ ص: 279 ] ضمهم والله التراب ، وسد عليهم في ثراهم الباب ، وتقطعت بهم الأسباب ، والأحباب يرجعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
أين أموالهم والذخائر ، أين أصحابهم والعشائر ، دارت على القوم الدوائر ، ففيم أنتم تطمعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
شغلوا عن الأهل والأولاد ، وافتقروا إلى يسير من الزاد ، وباتوا من الندم على أخس مهاد ، وإنما هذا من حصاد ما كانوا يزرعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
أين الجنود والخدم ، أين الحرم والحرم ، أين النعم والنعم ، بعد ما كانوا يربعون فيما يرتعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
لو رأيتهم في حلل الندامة ، إذا برزوا يوم القيامة ، وعليهم للعقاب علامة ، يساقون بالذل لا بالكرامة ، إلى النار فهم يوزعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
يا معشر العاصين قد بقي القليل ، والأيام تنادي : قد دنا الرحيل ، وقد صاح بكم إلى الهدى الدليل إن كنتم تسمعون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .