لا ترقدن لعينك السهر وانظر إلى ما تصنع الغير انظر إلى عبر مصرفة
ما دام يمكن طرفك النظر ما زلت تسمع أو ترى عبرا
إن لا يخنك السمع والبصر فإذا جهلت ولم تجد أحدا
فسل الزمان فعنده الخبر وإذا نظرت تريد معتبرا
فانظر إليك ففيك معتبر أنت الذي تمسي وتصبح في الـ
ـدنيا وكل أموره غرر أنت المصرف كان في صغر
ثم استقل بشخصه الكبر أنت الذي تنعاه خلقته
ينعاه منه الشعر والبشر أنت الذي تعطى وتسلب لا
ينجيه من أن يسلب الحذر أنت الذي لا شيء منه له
وأحق منك بمالك القدر والحادثات صروفها عجب
والعيش فيه الصفو والكدر يبغي بنو الدنيا عمارتها
وليخربن جميع ما عمروا عجبا من الدنيا ومن عبر الد
نيا وكيف تصرف الغير ما زلت مذ صورت في سفر
وستنقضي وسينقضي السفر يا من يؤمل أنت منتظر
أملا يطول ولست تنتظر ماذا تقول وأنت في غصص
ماذا تقول وأنت محتضر ماذا تقول وقد وضعت على
ظهر السرير وأنت تبتدر ماذا تقول وأنت في جدث
ماذا تقول وفوقك المدر
ماذا تقول وقد لحقت بما يجري عليه الريح والمطر
[ ص: 534 ] نبغي البقاء ولا بقاء لنا تتعاور الروحات والبكر
كم قد عفت عين لها أثر درست ويدرس بعدها الأثر
عليك بتقوى الله واقنع برزقه فخير عباد الله من هو قانع
ولا تهلك الدنيا ولا طمع لها فقد يهلك المغرور فيها المطامع
صبرا على نوبات ما ناب واعترف فما يستوي حر صبور وجازع
أعاذل ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت بالنفس منه الأضالع
وقال : يكفيك من الدنيا ما قنعت به . بكر بن عبد الله
كان رحمه الله يقول : ابن السماك
إني أرى من له قنوع يعدل من نال ما تمنى
والرزق يأتي بلا عناء وربما فات من تعنى
نصف القنوع وأينا يقنع أو أينا يرضى بما يجمع
لله در ذوي القناعة ما أصفى معاشهم وما أوسع
من كان يبغي أن يلذ وأن تهدى جوارحه فما يطمع
فقر النفوس بقدر حاجتها وغنى النفوس بقدر ما تقنع
وأتي بستين ألفا فردها وقال : كرهت أن أمحو اسمي من ديوان الفقراء . إبراهيم بن أدهم
[ ص: 535 ]
رأت عدتي فاستراثت رحيلي سبيلك إن سواها سبيلي
ترجي قفولي لها في الثوي لعل المنية قبل القفول
لقد قذفت بي صعب المرام واستجملت لي غير الجميل
سأقني العفاف وأرضى الكفاف وليس غنى النفس جور الخليل
ولا أتصدى لمدح الجواد ولا أستعد لمدح البخيل
وأعلم أن ثياب الرجاء تحل العزيز محل الذليل
وأن ليس مستغنيا بالكثير من ليس مستغنيا بالقليل
أخبرنا الفقيه بسنده عن محمد بن عمر يحيى بن عروة بن أذينة قال : لما أتى أبي وجماعة من الشعراء فأنشدوه فلما عرف أبي قال : ألست القائل : هشام بن عبد الملك
لقد علمت وما الإسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فيعنيني تطلبه ولو قعدت أتاني لا يعنيني
إذا ضن من ترجو عليك بنفعه فدعه فإن الرزق في الأرض واسع
ومن كانت الدنيا مناه وهمه سباه المنى واستعبدته المطامع
ومن عقل استحيى وأكرم نفسه ومن قنع استغنى فهل أنت قانع