وفي سبب ذلك أربعة أقوال : أحدها : أنه رأى ميتة تمزقها السباع والهوام ، فسأل ذلك ، قاله وسأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى ، ابن عباس .
والثاني : أنه لما بشر باتخاذه خليلا سأل ليعلم بإجابته صحة البشارة ، قاله السدي عن أشياخه .
والثالث : أنه أحب أن يزيل عوارض الوسواس ، قاله عطاء بن أبي رباح .
والرابع : أنه لما قال لنمرود : ربي الذي يحيي ويميت أحب أن يرى ما أخبر به ، قاله ابن إسحاق .
وأما نمرود فإنه بقي بعد إلقاء الخليل في النار أربعمائة عام لا يزداد إلا عتوا ، ثم حلف ليطلبن إله إبراهيم .
قال السدي عن أشياخه : أخذ أربعة أفراخ من أفراخ النسور ، فرباهن باللحم والخمر ، حتى إذا كبرن واستفحلن قرنهن بتابوت ، وقعد في ذلك التابوت ، ثم رفع لهن اللحم فطرن به ، حتى إذا ذهب في السماء أشرف ينظر إلى الأرض ، فرآها كأنها فلك في ماء ، ثم صعد فوقع في ظلمة فلم ير ما فوقه ولا ما تحته ، ففزع فنكس اللحم فاتبعنه منقضات ، فلما نزل أخذ يبني الصرح فسقط الصرح .
[ ص: 96 ] قال بعث الله تعالى إلى نمرود ملكا فقال له : آمن بي وأتركك على ملكك ، فقال : وهل رب غيري ، فأتاه ثانيا وثالثا ، فأبى ، ففتح عليه بابا من البعوض فأكلت لحوم قومه وشربت دماءهم ، وبعث الله عز وجل عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة عام يضرب رأسه بالمطارق ، وأرحم الناس به من يجمع يديه ثم يضرب بهما رأسه ، فعذب بذلك إلى أن مات . زيد بن أسلم :
وقال مقاتل : عذب بالبعوضة أربعين يوما ثم مات .