[ ص: 142 ] كذلك أي كما بلغ مغرب الشمس بلغ مطلعها قوله تعالى : وقد أحطنا بما لديه أي بما عنده ومعه من الجيوش خبرا ثم أتبع سببا أي طريقا ثالثا بين المشرق والمغرب حتى إذا بلغ بين السدين قال هما جبلان منيفان في السماء من ورائهما البحر ، وقرأ وهب بن منبه : نافع بضم السين ، قال ثعلب : هما لغتان ، وقال أبو عبيدة : ما هو من فعل الله تعالى فهو مضموم ، وما هو من فعل الآدميين فمفتوح .
قوله تعالى : لا يكادون يفقهون قولا أي لا يفهمونه إلا بعد إبطاء .
وأما يأجوج ومأجوج فهما رجلان من أولاد يافث بن نوح قال رضي الله عنه : منهم من طوله شبر ومنهم من هو مفرط في الطول ، ولهم شعر يواريهم من الحر والبرد ، وكان فسادهم قتل الناس علي فهل نجعل لك خرجا وقرأ خراجا . حمزة :
قال هما لغتان ، وقال الليث : الخرج ما تبرعت به ، والخراج : ما لزمك أداؤه . أبو عمرو بن العلاء : قال ما مكني فيه ربي خير مما تبذلون فأعينوني بقوة قال مجاهد : بالرجال وقال ابن السائب : بالآلة ، والردم : الحاجز ، والزبر : القطع ، والصدفان : جانبا الجبل .
قال علماء السير : لما وصل إلى مدن معطلة قد بقي فيها بقايا ، سألوه أن يسد ما بينهم وبين يأجوج ومأجوج ، فأمر الصناع فضربوا اللبن من الحديد ، طول كل لبنة ذراع ونصف وسمكها شبر .
وروى سلام الترجمان قال : بعثني الواثق إلى السد وضم إلي خمسين رجلا ، وأعطانا مالا ، فما زلنا نتنقل البلاد وتبعث الملوك معنا الأدلاء إلى أن صرنا إلى أرض سوداء منتنة الريح ، فسرنا فيها عشرة أيام ، ثم صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها خمسة وعشرون يوما ، وهي التي كانت يأجوج ومأجوج يطرقونها ، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من السد وفيها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية مسلمون يقرؤون القرآن ، فسألونا : من أين أقبلتم ؟ قلنا : نحن رسل أمير المؤمنين ، قالوا : ما سمعنا بهذا قط ، ثم صرنا إلى جبل أملس وفيه السد ، وهنا باب حديد له مصراعان مغلقان ، عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ارتفاع خمسين في ثخن خمسة أذرع ، وقائمتاهما في دوارة ، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ [ ص: 143 ] ذراع ، وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا ، وفوق القفل بقدر خمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل وقفيز ، وعلى الغلق مفتاح معلق في سلسلة طولها ثمان أذرع في استدارة أربعة أشبار ، وعتبة الباب عشرة أذرع ، ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة عشرة فوارس ، مع كل فارس مرزبة حديد ، فيضرب القفل بتلك المرزبات مرات ليسمعوا الصوت فيعلموا أن هناك حفظة .
وقد روينا أن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم .
أخبرنا أنبأنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن المذهب ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، روح ، حدثنا عن سعيد بن أبي عروبة ، حدثنا قتادة ، عن أبو رافع ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، فيعودون إليه فيرونه كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس ؛ حفروا حتى إذا كادا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله ، فيعودون إليه وهو على هيئته التي تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهام إلى السماء ، فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون ، قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم ودمائهم . إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا ،
ثم إن ذا القرنين لما عاد بلغ بابل ، فنزل به الموت فكتب إلى أمه يعزيها عن نفسه ، وكان في كتابه ، اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عليه من أبناء المملكة ، ولا يأكل من طعامك من أصيب بمصيبة ، ففعلت فلم يأكل أحد ، فعلمت ما أراد .
فلما وصل تابوته إليها قالت : يا ذا الذي بلغت السماء حكمته وجاز أقطار الأرض ملكه ، ما لك اليوم نائم لا تستيقظ ، وساكت لا تتكلم ، من يبلغك عني أنك وعظتني فاتعظت وعزيتني فتعزيت ، فعليك السلام حيا وميتا ! .