وقوله : ( ( أو تأولها بفهم ) ) أي ادعى أنه فهم لها تأويلا يخالف ظاهرها ، وما يفهمه كل عربي من معناها ، فإنه قد صار اصطلاح المتأخرين في : أنه صرف اللفظ عن ظاهره ، وبهذا تسلط المحرفون على النصوص ، وقالوا : نحن نتأول ما يخالف قولنا ، فسموا التحريف تأويلا ، تزيينا له وزخرفة ليقبل ، وقد ذم الله الذين زخرفوا الباطل ، قال تعالى : معنى التأويل وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ( الأنعام : 112 ) . والعبرة للمعاني لا للألفاظ . فكم من باطل قد أقيم عليه دليل مزخرف عورض به دليل الحق . وكلامه هنا نظير قوله فيما تقدم : ( ( لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ) ) . ثم أكد هذا المعنى بقوله : ( ( إذا كان تأويل الرؤية - وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية : ترك التأويل ، ولزوم التسليم ، وعليه دين المسلمين ) ) . ومراده ترك التأويل الذي يسمونه تأويلا ، وهو تحريف . ولكن الشيخ رحمه الله تأدب وجادل بالتي هي أحسن ، كما أمر الله تعالى بقوله : وجادلهم بالتي هي أحسن ( النحل : 125 ) . وليس مراده ترك كل ما يسمى تأويلا ، ولا ترك شيء من الظواهر لبعض الناس لدليل راجح من الكتاب والسنة . وإنما مراده ترك التأويلات الفاسدة المبتدعة ، المخالفة لمذهب السلف ، التي يدل الكتاب والسنة على فسادها ، وترك القول على الله بلا علم .