قوله : ( والحوض - الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته - حق ) .  
ش : الأحاديث الواردة في  ذكر الحوض   تبلغ حد التواتر ، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيا ، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ  عماد الدين بن كثير  ، تغمده الله برحمته ، في آخر تاريخه الكبير ، المسمى ب " البداية والنهاية " .  
 [ ص: 278 ] فمنها : ما رواه   البخاري  رحمه الله تعالى ، عن   أنس بن مالك  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  إن قدر حوضي كما بين  أيلة   إلى  صنعاء   من  اليمن   ، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء     . وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  ليردن علي ناس من أصحابي ، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أصيحابي ، فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك     . رواه مسلم .  
 [ ص: 279 ] وروى   الإمام أحمد  عن   أنس بن مالك  ، قال : أغفى  رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاة ، فرفع رأسه مبتسما ، إما قال لهم ، وإما قالوا له : لم ضحكت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه أنزلت علي آنفا سورة ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم  إنا أعطيناك الكوثر   ، حتى ختمها ، ثم قال لهم : هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب ، يختلج العبد منهم ، فأقول : يا رب إنه من أمتي ، فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك     . ورواه  مسلم  ، ولفظه :  هو نهر وعدنيه ربي ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة  ، والباقي مثله .  
ومعنى ذلك أنه يشخب فيه ميزابان من ذلك الكوثر إلى الحوض ، والحوض في العرصات قبل الصراط ، لأنه يختلج عنه ، ويمنع منه أقوام قد ارتدوا على أعقابهم ، ومثل هؤلاء لا يجاوزون الصراط . وروى   البخاري  ومسلم  عن   جندب بن عبد الله البجلي  رضي الله      [ ص: 280 ] عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  أنا فرطكم على الحوض     . والفرط : الذي يسبق إلى الماء .  
وروى   البخاري  عن   سهل بن سعد الأنصاري  رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إني فرطكم على الحوض ، من مر علي شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم     . قال  أبو حازم     : فسمعني  النعمان بن أبي عياش     [ وأنا أحدثهم هذا ] فقال : هكذا سمعت من  سهل  ؟ فقلت : نعم . فقال : أشهد على   أبي سعيد الخدري  لسمعته وهو يزيد : فأقول :  إنهم من أمتي فقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فقال : سحقا سحقا لمن غير بعدي     . سحقا : أي بعدا .  
				
						
						
