والقدر ، الذي هو التقدير المطابق للعلم : يتضمن أصولا عظيمة :  
 [ ص: 359 ] أحدها : أنه عالم بالأمور المقدرة قبل كونها ، فيثبت علمه القديم ، وفي ذلك الرد على  من ينكر علمه القديم      .  
الثاني : أن  التقدير   يتضمن مقادير المخلوقات ، ومقاديرها هي صفاتها المعينة المختصة بها ، فإن الله قد جعل لكل شيء قدرا ، قال تعالى :  وخلق كل شيء فقدره تقديرا      [ الفرقان : 2 ] . فالخلق يتضمن التقدير ، تقدير الشيء في نفسه ، بأن يجعل له قدر ، وتقديره قبل وجوده . فإذا كان قد كتب لكل مخلوق قدره الذي يخصه في كميته وكيفيته ، كان ذلك أبلغ في العلم بالأمور الجزئية المعينة ، خلافا لمن أنكر ذلك وقال : إنه يعلم الكليات دون الجزئيات !  فالقدر   يتضمن العلم القديم والعلم بالجزئيات .  
الثالث : أنه يتضمن أنه أخبر بذلك وأظهره قبل وجود المخلوقات إخبارا مفصلا ، فيقضي أنه يمكن أن يعلم العباد الأمور قبل وجودها علما مفصلا ، فيدل ذلك بطريق التنبيه على أن الخالق أولى بهذا العلم ، فإنه كان يعلم عباده بذلك فكيف لا يعلمه هو ؟ !  
الرابع : أنه يتضمن أنه مختار لما يفعله ، محدث له بمشيئته وإرادته ، ليس لازما لذاته .  
الخامس : أنه يدل على حدوث هذا المقدور ، وأنه كان بعد أن لم يكن ، فإنه يقدره ثم يخلقه .  
				
						
						
