والولاية أيضا نظير الإيمان ، فيكون مراد الشيخ : أن أهلها في أصلها سواء ، وتكون كاملة وناقصة : فالكاملة تكون للمؤمنين المتقين ، كما قال تعالى :  ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون   لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة   فـ  الذين آمنوا وكانوا يتقون   ، منصوب على أنه صفة أولياء الله ، أو بدل منه ، أو بإضمار أمدح ، أو مرفوع بإضمار هم ، أو خبر ثان لـ إن ، وأجيز فيه الجر ، بدلا من ضمير عليهم .  
 [ ص: 507 ] وعلى هذه الوجوه كلها فالولاية لمن كان من الذين آمنوا وكانوا يتقون ، وهم أهل الوعد المذكور في الآيات الثلاث . وهي عبارة عن موافقة الولي الحميد في محابه ومساخطه ، ليست بكثرة صوم ولا صلاة ، ولا تمزق ولا رياضة . وقيل : الذين آمنوا مبتدأ ، والخبر :  لهم البشرى   ، وهو بعيد ، لقطع الجملة عما قبلها ، وانتثار نظم الآية .  
ويجتمع في المؤمن ولاية من وجه ، وعداوة من وجه ، كما قد يكون فيه كفر وإيمان ، وشرك وتوحيد ، وتقوى وفجور ، ونفاق وإيمان . وإن كان في هذا الأصل نزاع لفظي بين أهل السنة ، ونزاع معنوي بينهم وبين أهل البدع ، كما تقدم في الإيمان . ولكن موافقة الشارع في اللفظ والمعنى - أولى من موافقته في المعنى وحده ، قال تعالى :  وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون      [ يوسف : 106 ] . وقال تعالى :  قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا      [ الحجرات : 14 ] الآية . وقد تقدم الكلام على هذه الآية ، وأنهم ليسوا منافقين على أصح القولين . وقال صلى الله عليه وسلم :  أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر     . وفي رواية  وإذا ائتمن خان بدل : وإذا وعد أخلف     . أخرجاه في ( ( الصحيحين ) ) . وحديث شعب الإيمان تقدم . وقوله صلى الله عليه وسلم :  يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان     .  
 [ ص: 508 ] فعلم أن من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخلد في النار ، وإن كان معه كثير من النفاق ، فهو يعذب في النار على قدر [ ما معه ] من ذلك ، ثم يخرج من النار .  
فالطاعات من شعب الإيمان ، والمعاصي من شعب الكفر   ، وإن كان رأس شعب الكفر الجحود ، ورأس شعب الإيمان التصديق .  
وأما ما يروى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  ما من جماعة اجتمعت إلا وفيهم ولي لله ، لا هم يدرون به ، ولا هو يدري بنفسه     - : فلا أصل له ، وهو كلام باطل ، فإن الجماعة قد يكونون كفارا ، وقد يكونون فساقا يموتون على الفسق .  
				
						
						
